عرض مشاركة واحدة
قديم 02-09-2013, 01:06 AM
المشاركة 2
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سؤال سهل أستاذي أيوب ، كلنا مع الربيع ، مادمنا نعيش خريفا قاسيا فمتى هبت نسمة و أطلت غيمة انشرحت صدورنا لها فرحا بمقدم الربيع ، متى سمعنا أنشودة غريدة ملحنة بجميل الأماني تناسينا جراحنا و انضممنا إلى الرقص هاتفين بنجاح الربيع في إحياء أعشاش البلابل ، ما أن تداعب أبصارنا غزالة حسناء ترتوي نفوسنا المكبوتة عشقا و تفتح شهواتنا إيذانا بموسم الأعراس ، صعبة هي الأمنيات التي لا تنبني على أحلام موضوعية ، صعب بناء الأبراج على أساسات رملية ، الربع بحاجة إلى أرض خصبة ، وزرع جيد و موسم ممطر ، وهو أخيرا يحتاج إلى من يتذوق جماله ، صعب بناء الأوطان بمجرد الهتاف ، عصي حصد الغلال بدون حرث وسقي و تسميد و رش بما يقوي و يكنس سموم الطفيليات .
أستاذي الفاضل
لست أدري من أين أبدأ وإلى أين سأنتهي لعل ارتباك الربيع قد عاداني ، ولعل حالنا هكذا هي ، لكن سئل صديق لي قبل عقد ونيف من الزمان ، هل تنتظر تغييرا حقيقيا في حياة شعوبنا ، فقال هذا السؤال لم يحن وقته بعد ، ربما قد يطرح بعد مئة سنة ، وهو على الأقل المدة الكافية لفناء كل من ولد في تلك اللحظة ، إيمانا منه أن حتى المواليد منا نزع فيهم تخلفنا ، قد يقول قائل أنني موغل في التشاؤم فجوابي هو أن الأوطان لا تبنيها النوايا الحسنة والتفكير الساذج ، الأوطان تبنى بالقدرة على العطاء ، أكثر من الاستعداد للأخذ ، خمسون سنة كافية لنقل الصين إلى مجتمع منافس ، خمسون سنة كلها بناء ، وكلها نكران للذات ، خمسون سنة قضتها البرازيل في التنمية ، وكلها بناء و محاولات إقلاع ، أما نحن من منا فكر في البناء دون أن يهدم من حوله ، من فكر في البناء دون أن يتآمر على جاره ، من منا فكر في البناء دون أن تتملكه غريزة الاستبداد ، من منا فكر في البناء دون أن يقع في شباك المؤامرات ، نحن شعوب لا تعرف ما تريد ، شعوب طمست فيها كل منابع الأمل ، نحن شعوب عقولها قاصرة ، ومتى آمنا بنقائصنا و تخلينا عن سمو أنانياتنا المفرطة ، ساعتها يمكن أن نفكر في طرق الوصول إلى بر النهضة .
هناك من يؤمن أنه ربيع عربي صرف ناتج عن وعي شعبي رافق ثورة المعلومة ، هناك من يؤمن أنه مجرد امتداد للشرق الأوسط الكبير وفق النظرة الأمريكية ، هناك من يؤمن أنها الفوضى الخلاقة في أبهى حللها ، هناك من يؤمن أنها إرادة الله ولعنته على الأنظمة المتجبرة المستبدة ، هناك من يرى أنها مجرد حركة شعبوية لن تقدم ولن تؤخر *، بعيدا عن التفسيرات ، وبعيدا حتى عن نتائج اليوم ، هل هناك مشروع نهضوي عند كل القيادات الحزبية العربية كيفما كانت توجهاتها ، وهل الشعوب قادرة على التضحية لإنجاز المشروع في حالة وجوده ، وهل وصلنا من الوعي ، ما يجعلنا مؤمنين بضرورة الفعل في التاريخ بدل أن نبقى في صيغة المفعول بهم ، واللاهثين وراء لقمة خبز ، وسيارة ومسكن ، وتكوين أسرة ، كم هي نسبة المؤمنينين بالتداول في السلطة ، ماهي نسبة المستعدين للإنخراط في العمل السياسي ، والجمعوي الحقيقي ، ماهي نسبة الراغبين في العمل التطوعي ، ماهي نسبة المؤمنين بضرورة تقديم الصالح العام على الخاص ، حين تكون النسب تقارب الخمسين في المئة يمكن القول أن المجتمع تسوده روح إيجابية ، لكن والحال على ما نحن عليه فكل تفاؤل ماهو إلا خداع للذات قبل الآخر . نعم سياتي يوم تقلع فيه هذه الشعوب ، ونحن مؤمنون تمام الإيمان بهذا ، لكن مع كل أسف ، ليس بمواصفات جيلنا .
و رغم ذلك لا نملك إلا أن نكون مع الربيع العربي ، ولو بعواطفنا التي كثرا ما أظهرت أنها لا تنفعنا بشيء .