عرض مشاركة واحدة
قديم 08-29-2010, 12:11 PM
المشاركة 42
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
** على جدار يوم مكسور

تكمن تفاصيلنا وحراك الوقت من حولنا .. أفكارنا .. مشاعرنا .. انفعالاتنا .. على جدران أيامنا التي تفوح بروائحنا النفاذة بفعل انصهار الذات مع طوارئ الواقع ..
فنمكث كقطيع من الثمار المبعثرة على رصيف الدنيا وتتراص حولنا أبخرة الترقب فينا بينما القمر يطل علينا من فوهة السماء نافثآ بالضوء .. بانتظار فجر جديد ..
وغالبآ لا يمر يومنا دون صخب , لا بد لجداره من أن يُخدش بمعول همومنا المتوالية على جبين النهارات حيث الليل يبرح مأزق آخر لأمنياتنا المشتتة ..
وما الذي تجنيه قلوبنا حين تلملم خيباتنا من أزقة الروح وتدسها في ديباجة للألم لتحيك لرأس متصدع بالضجيج وسادة خاوية ..
ما خاتمة تلك الدوامة التي تبدأنا منذ عهد الطفولة وحتى نغادر الدنيا ولا نعلم مآل مصيرنا .. سوى أن نتشبث برداء الفأل بأن القادم أجمل ..
ثمة هشيم /وخيم / سقيم / وحميم ... ينزلق رويدآ كخطوات مكورة تتدحرج صوب كوخ مهجور ويتربص به الخواء في أودية سحيقة من الروح ..

دعونا نغوص في نصوص سحر الناجي هنا ونحاول التعرف على مكنونات صدرها من خلال ما تقوله:

هذه أول مشاركة لسحر الناجي، وتشير فيها سحر إلى أن ما نبوح به على الجدران بفعل انصهار الذات مع طوارئ الواقع ( الأحداث ) يمثل في الحقيقة تفاصيل ما نشعر ونفكر فيه ويشمل ذلك انفعالاتنا، وأفكارنا ومشاعرنا.

سحر تدون هذه المشاعر والأفكار والانفعالات على جدار يوم مكسور... فما سر انكسار ذلك الجدار؟ ولماذا اختارت سحر أن يكون الجدار مكسورا؟

ها هي تقف منتظرة على رصيف الدنيا منتظرة فجر جديد.... ذلك لان أيامها مملوءة بالصخب ولا يكاد يمر يوما دون ذلك الصخب....الذي يتولد من خلال تراكم وتوالي الهموم. تلك الهموم هي التي كسرت جدار اليوم الذي اختارت أن تكتب سحر عليه مكنونات صدرها وهمومها ومشاعرها.... ولكن الليل ليس بأفضل من النهار فهو يمثل مأزقًا آخر للأمنيات المشتتة عند سحر.

وها هي سحر تبدأ البوح على ذلك الجدار المكسور ..تبث على سطحه شجونها...تلك الشجون التي تمثل خيبات أمل تكدست في أزقة الروح...فكانت سببا للألم الذي أدى إلى رأس متصدع بالضجيج...لا يجد وسادة يستريح عليها... فحتى الوسادة خاوية..

وتتساءل سحر ..لكن ما خاتمة تلك الدوامة من الألم والصخب والهموم؟ والتي تبدأ منذ الطفولة؟ وتمتد عبر السنين وحتى نغادر الدنيا دون معرفة مصيرنا في الآخرة؟ ذلك المصير المجهول الذي لولا فسحة الفال والأمل بأن القادم أجمل... لكان هو أيضا مصدر قلق والم إضافي لكل هذه المآسي التي تملأ حياتنا من الولادة إلى الممات؟

ماذا تحاول سحر أن تقول هنا؟
هل تعبر سحر عن قلقها الوجودي؟
أم أن ثمة مصدر آخر للألم يعصف في أعماق الروح؟
أم أنها تسجل سيرة حياتها التي تتمثل بمسيرة الم وصخب منذ نعومة أظافرها والى ما بعد الموت؟

و هل هذا القلق الوجودي هو سبب ذلك الهشيم الوخيم السقيم الحميم الذي تشعر به سحر وتراه ينزلق بحركة دائرية وعلى شكل كرة فلا يتوقف حتى يصل إلى أعماق الروح تلك التي تشعر بالخواء والهجر والوحشة والوحدة؟

الجميل أن سحر قررت أن تكسر جدار الصمت وأن تبوح بمكنونات صدرها وان تخرج وتسجل آلامها ومآسيها ومخاوفها وقلقها الوجودي على جدار...ولو كان ذلك الجدار مكسورًا هو أيضا أو مهشم بفعل الألم.

وتلك شجاعة نادرة وهي خطوة مهمة للاستشفاء أو للتخلص من ذلك القلق الوجودي الذي يعصف بنا جميعا فيتحقق السلام الروحي...فلا يعود الرأس متصدعا بالضجيج...ويمكن عندها أن نغط في نوم عميق ولو على وسادة خاوية أو مصنوعة من الحجارة.

صحيح أن سحر فيما تسجله هنا تصور الحياة بدوامة الم متواصلة، حياة يملؤها القلق ...لكنها تستدرك وكأن لسان حالها يقول أيضا كما قال المتنبي:
أعلل النفس بالآمال ارقبها .... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

وها هي تبث وترسم آلامها على جدران الحياة لتكرس الأمل..