عرض مشاركة واحدة
قديم 03-18-2011, 05:12 PM
المشاركة 200
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (34)





مَنْ يَشْتَري مِنِّي الضَّمِيْر






جاءتْ تبادلني الهوى بفتورِ
وترُشُّ عطرَ الوصلِ فوقَ سريري


حوريَّةٌ هبطتْ عليَّ تقودُني
عبرَ العصورِ إلى سحيقِ عُصورِ


تمشي على التاريخِ تسحبُ خلفَها
شَعراً جدلْتُ سوادَه بشُعوري


عُريانةً خلعتْ ملابسَ طُهرِها
سَحَراً بقصرِ الواهمِ المغرورِ


طَوراً تبادلُني العناقَ وتارةً
تهتزُّ مثلَ الخائفِ المقرورِ


* * *

فسألتُها من أنتِ ؟ قالت : إنَّني
جنِّيَّةٌ من عالمٍ مسحورِ


خلَّفتُ كلَّ الراكعينَ لظالمٍ
الساجدين لسيِّدٍ مقهورِ


ومضيتُ ألتمسُ الحقيقةَ والهدى
وأحلُّ قيدَ العقلِ عن تفكيري


حتى وصلتُ إليكَ من كبدِ اللَّظى
كالظِّلِّ أجهلُ في الدُّخانِ مصيري


* * *

ها همْ ألوفُ الآبقينَ تَسابقوا
يتساومونَ عليَّ فوقَ بُحورِ


جاؤوا بأسلحةِ الدمارِ وخلفَهم
يُذكي ضِرامَ الحربِ ألفُ وزيرِ


هشَّتْ لمقدمِهم وجوهٌ أدمنتْ
صفعَ النِّعالِ بغرفةِ التَّخديرِ


قرعوا طبولَ الحربِ خلفَ حدودِهم
وصحوا على أحقادِهم بفُجورِ


وتنفَّسوا برئاتِ من أكلَ اللظى
أضلاعهم فشهيقُهم كزفيري


فوقفتُ ألعنُهم وأبحثُ عن دمي
خلفَ الحدودِ بِمَهْمَهِ التَّهجيرِ


ويقامرونَ ويدَّعونَ سفاهةً
ويُساومونَ بألفِ ألفِ مُغيرِ


لولا بقيَّةُ نخوةٍ أُمويَّةٍ
لمحوتُ من سِفرِ الخلودِ سطوري


* * *

يا ليتَ أبنائي توحَّدَ شملُهمْ
وتسابقوا في حَلْبةِ التحريرِ


يا ليتَهم صَدقوا النفوسَ وأطفؤوا
أحقادَهم وسَمَوا عن التَّشهيرِ


يا ليت أسواقَ الضميرِ تفتَّحتْ
أبوابُها للبيعِ والتصديرِ


من يشتري مني الضميرَ فإنَّني
آليتُ أن أحيا بغيرِ ضميرِ


* * *

يا حارقينَ الوردَ في روضِ الحمى
يا زارعينَ الرُّعبَ في التصويرِ


يا مُطفئي شمسَ الصباحِ رويدَكم
لن تهتكوا رغمَ الظلامِ سُتوري


يا هادمي جسرَ العبورِ بحقدِكم
إني نصبتُ من الدماءِ جُسوري


لن تطفئوا شمسَ الحياةِ بغَيمةٍ
نَفرتْ بجوٍّ عاصفٍ ومَطيرِ


* * *

يا زارعينَ على الطريقِ حرابَكم
مسنونةً مسمومةَ التخديرِ


من جاء بالغربانِ تدهنُ ريشَها
بالزَّيتِ فوقَ شواطئِ التفجيرِ ؟


ولمنْ إذا قامتْ قيامةُ يَعربٍ ؟
لمن الجنانُ ؟ لمنْ يكونُ سعيري ؟


ولأجل من نمحو ونُثبتُ دولةً ؟
والخصمُ يُمعنُ باقتلاعِ جذوري


والطفلُ من رَحِمِ الحجارةِ مولداً
يرمي ويصرخُ يا ولاةَ أُموري


رشُّوا على جرحِ العروبةِ مِلحَكم
فالجرحُ أنتنَ في انتظارِ نصيري


شُدُّوا الأكُفًَّ على أكفٍّ أدمنتْ
رَميَ الحجارةِ واهتدتْ لنشوري


لا تزرعوا طُرُقَ الخلاصِ بشائكٍ
من نبتِكم كي لا يُعيقَ مسيري


ولْيَصلبوا جسدي لعاشرِ مرَّةٍ
وليَسمعوا فوقَ الصليبِ زئيري


إني سأُوقفُ بالحجارةِ سيلَهم
فيدايَ تفري عاتياتِ صخورِ


ومضتْ تجرُّ ذيولَها وتقولُ لي
بلِّغْ فَديْتُكَ لن أبيعَ ضميري





1990