عرض مشاركة واحدة
قديم 10-05-2012, 01:05 PM
المشاركة 2
عبد الرحيم صابر
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
كتاب الطهارة
تعريف الطهارة

ــ لغة: قال ابن فارس: "الطاء والهاء والراء أصل واحد صحيح يدل على نقاء وزوال دنس"، "والتطهر التنزه عن الذم وكل قبيح"([1]). فهي النظافة والنزاهة عن الأقذار الحسية والمعنوية، ومن هذا المعنى قوله عز وجل في صفة نساء الجنة { وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ }([2]).

ــ في اصطلاح الفقهاء:
يطلق الفقهاء لفظ الطهارة على ثلاثة أمور:

الأول: رفع الحدث: ويعنون بالحدث هنا مانع الصلاة. قال القرافي: "الحدث له معنيان أحدهما الأسباب الموجبة للوضوء فلذلك يقال أحدث إذا خرج منه خارج وثانيهما أنه المنع المرتب على هذا السبب وهو المراد بقول العلماء ينوي رفع الحدث بفعله أي ينوي ارتفاع المنع المرتب على ذلك السبب المتقدم ولا يمكن في نيته رفع الحدث إلا بهذا فإن تلك الأسباب الموجبة للوضوء يستحيل رفعها؛ لأنها صارت واقعة داخلة في الوجود ولا يمكن لعاقل أن يقول إنه يرفع تلك الأعيان المستقذرة من غيرها بوضوء بل الذي ينوي برفعه هذا المنع المرتب على تلك الأسباب، والمنع وإن كان أيضا وقع وصار من جملة الواقعات والواقعات يستحيل رفعها غير أن المقصود برفعه منع استمراره"([3]).
فهو "معنى يقوم بالبدن تمتنع معه الصلاة والطواف"([4]).
وحقيقته "ترجع إلى تحريم ملابسة الصلاة حتى يتطهر"([5]).
ومن هذا المعنى في الكتاب قوله عز وجل { وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}([6])، وفي الحديث ما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث على رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «مفتاح الصلاة الطُّهور» .([7])

الثاني: زوال النجس: والنجاسة "عين مستخبثة في الشرع يمتنع المصلي من استصحابها"([8]). وسيأتي تعريفها في بابها بزيادة تفصيل إن شاء الله.
ومن هذا المعنى في الكتاب قوله عز وجل{{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين}}{وَيَسْأ� �لُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ }([9]) أي من الدم قاله ابن عباس، ومنه كذلك قوله عز وجل {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}([10])، على تفسير. وفي الحديث ما أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إذا وطئ أحدكم بنعله في الأذى فإن التراب له طهور»([11]).

الثالث: ما على صورتهما، وليس فيه معنى رفع حدث، ولا فيه زوال نجس. كالأغسال المستحبة.

ـــــ حقيقتها:
"عبارة عن إباحة الملابسة في الصلوات"([12]).
لذا عرفت بأنها "صفة حكمية قائمة بالأعيان توجب لموصوفها جواز استباحة الصلاة به أو فيه أو له، فالأوليان من خبث والأخيرة من حدث"([13]).
ويجمع إطلاقات الفقهاء الثلاثة الأولى قولك "الطهارة رفع الحدث وما على صورته وزوال النجس".
قال المازري: "الطهارة إزالة النجس أو رفع مانع الصلاة بالماء أو في معناه". وأورده ابن عرفة على حد التطهير في حدوده، وهو الأصح، وهي الطهارة الواجبة على المكلف.
قال في مواهب الجليل: " اعترض ابن عرفة على من عرف الطهارة بالمعنى الثاني فقال وقول المازري وغيره الطهارة إزالة النجس أو رفع مانع الصلاة بالماء أو في معناه إنما يتناول التطهير والطهارة غيره لثبوتها دونه فيما لم يتنجس وفي المطهر بعد الإزالة ".([14])

— لما كان الفقه يتناول الأحكام الشرعية العملية رتب الفقهاء كتبهم على حديث جبريل، فبدأوا بأركان الاسلام العملية وأعظمها الصلاة.
قال ابن تيمية: "أما العبادات فأعظمها الصلاة والناس إما أن يبتدئوا مسائلها بالطهور لقوله ه«مفتاح الصلاة الطُّهور»([15]) كما رتبه أكثرهم وإما بالمواقيت التي تجب بها الصلاة كما فعله مالك وغيره".([16])
والأصل في آلة التطهير بشقيه الماء لذا ابتدئ به، وأدخل تحت هذا العنوان كل ما له ملابسة بالطهارة.

([1]) معجم مقاييس اللغة 3/428
([2]) سورة البقرة:25
([3]) الفروق 2/66 الفرق59
([4]) شرح العمدة لابن تيمية 1/60
([5]) الفروق 2/66 الفرق59
([6]) سورة المائدة:6
([7]) أحمد 1/123 أبو داود 61
([8]) شرح العمدة لابن تيمية 1/60
([9]) سورة البقرة:222
([10]) سورة المدثر:4
([11]) أبو داود 385
([12]) الفروق 2/65
([13]) شرح حدود ابن عرفة 1/71
([14]) مواهب الجليل 1/61
([15]) أحمد 1/123 أبو داود 61
([16]) مجموع الفتاوى 21/5