الموضوع: تساؤل
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
6

المشاهدات
1870
 
طاهر عبد المجيد
كاتب وأديب فلسطيني

اوسمتي


طاهر عبد المجيد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
165

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
Apr 2010

الاقامة

رقم العضوية
9160
05-16-2020, 11:41 PM
المشاركة 1
05-16-2020, 11:41 PM
المشاركة 1
افتراضي تساؤل
قبل خمس سنوات تقريباً قَدِمت إلى السويد هرباً من جحيم الحرب في بلدي وبعد شهرين من قدومي دخلت المدرسة لتعلم اللغة السويدية في المدينة التي أقيم فيها وكنت أضطر حينها إلى الخروج من بيتي صباحاً قبل شروق الشمس وأعود في عتمة المساء، ولا أتمكن من أداء الصلوات في المدرسة، وهذا ما كان يشعرني بالضيق وتأنيب الضمير، فكتبت هذه القصيدة من وحي هذا الموقف. علماً بأنني تمكنت بعد فترة من أن أصلي في الصف.

تساؤل
د. طاهر عبد المجيد


أترى نجوتُ من الجحيمِ بذاتي
ونجحتُ في إنقاذِ نصف حياتي؟

أم أن هذا ليس إلا رغبةً
ستضاف للمكبوت من رغباتي؟

أنا ههنا في غربتي لا أدَّعي
أنِّي بلغتُ من المنى غاياتي

مازالت الذكرى تُهيِّجُ أدمعي
وتثيرُ عاصفةً من الآهاتِ

مازال يغزوني الحنينُ فأكتفي
في صدِّه بالنوم كالأمواتِ

ما زلتُ أحلمُ بالكثير وإن أكنْ
أشبعتُ ما يكفي من الحاجاتِ

يكفي هنا أنِّي أنامُ مبكِّراً
من غير تفكيرٍ بيومي الآتي

أمشي يرافقني الأمانُ كحارسٍ
وكأنَّه ظلِّي على الطرقاتِ

وأُحسُّ عطفَ الناسِ نحوي بادياً
كمهاجرٍ في رقَّةِ النَّظراتِ

هم يبدؤونكَ بالتحيَّة كلَّما
صادفتهم في أغلبِ المرَّاتِ

ويصافحونكَ بابتسام وجوههم
والوجه للأرواح كالمرآةِ

حق الكلام لمن يريد مقدَّسٌ
هنا في السويد كواجب الإنصاتِ

أنا لا أَخافُ هنا على حرِّيتي
من حاكمٍ يسطو على الحُرُماتِ

وأخاف منها في زحام لذائذٍ
توحي لها بسهولة الإفلاتِ

لكنَّني ما زلت أشعر بينهم
أنِّي غريب الرُّوح والقسماتِ

أشكو فتغلبني الدُّموع أمامهم
وتجفُّ لا أحدٌ يرى عَبَراتي

وإذا مرضت فلست أطمع أن أرى
أحداً يجيء على صدى أنَّاتي

ليقولَ لي بيدٍ تكفكفُ أدمعي
عافاكَ ربُّ النَّاس والآفاتِ

نفسي فداؤك وهي رهنُ إشارةٍ
تأتيكَ حين تريدُ في لحظاتِ

ولعلَّ أسوأ ما وجدتُ بغربتي
أنِّي نسيت الله في صلواتي

فبدأت أجمعها بوقتٍ واحدٍ
ليلاً وأقرأ أقصر الآياتِ

فإذا انتهيت دعوت ربِّي قائلاً:
ربَّاهُ ذابتْ في فمي كلماتي

ماذا أقول وأنت تعلم بالذي
سأقوله يا جابر العثراتِ

زلَّت خطاي على الطريق وخانني
حظِّي الذي لحقت به خطواتي

لا يستحقُّ العفو منكَ ولا الرِّضا
أحدٌ عصاكَ بأبسط الهفواتِ

لكنَّك الرَّحمن تكره أن ترى
دمع الَّذي يدعوك في الظُّلماتِ

لو كنتُ أعلمُ أن حقَّك ههنا
ستضيق عن إيفائه أوقاتي

لبقيت في بلدي أعيش مهدَّداً
بالموت مجَّاناً على دَفْعاتِ

الآن يمكن أن أقول بحرقةٍ
ممزوجةٍ باللَّوم والحَسَراتِ

كمْ ذا خسرت بهجرتي وكأنَّني
بحساب ربِّي ما نجوت بذاتي