عرض مشاركة واحدة
قديم 07-30-2011, 05:03 PM
المشاركة 5
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
فلو شئتُ أدْلى فيكما غير واحد ... علانيةً أو قالَ عندي في السِّرِّ
فإنْ أنا لم آمُرْ ولم أنْهَ عنكُما ... ضَحِكْتُ له كيما يَلجَّ ويَسْتَشْرِي
وقال النَّمِر بن تَولَب:
جزَى اللّهُ عنِّي جَمرَةَ ابنة نوفلٍ ... جَزَاءَ مُغِلٍّ بالأمانةِ كاذِب
بما خَبَّرَتْ عنِّي الوُشاةَ ليكذِبوا ... عليَّ وقد أوليتُها في النوائِب
يقول: أخرجتْ خَبرَها، فخرج إلى من أحبُّ أن يعابَ عندها ولو شئتَ أن نعارضَك لعارضناك في القول بما هو أقبحُ أثراً وأبقى وَسْماً، وأصدقُ قِيلاً، وأعدلُ شاهداً، وليس كلُّ مَن تَرَكَ المعارضَةَ فقد صفح، كما أنَّه ليس من عَارضَ فقد انتصرَ، وقد قال الشاعر قولاً، إن فهمتَه فقد كفَيتَنا مئونةَ المُعارضَة، وكفيتَ نفسَك لزوم العارِ، وهو قوله:
إن كنتَ لا ترهَبُ ذمِّي لِمَا ... تَعْرِفُ مِنْ صَفْحِي عن الجاهلِ
فاخشَ سُكُوتي إذ أنا منصت ... فيكَ لمسموعِ خَنَا القائلِ
فالسامعُ الذمِّ شريكٌ لهُ ... ومُطِعمُ المأكولِ كالآكِل
مقالةُ السُّوء إلى أهلها ... أسرَعُ من مُنْحَدر سائلِ
ومن دَعا الناسَ إلى ذمِّه ... ذمُّوه بالحقِّ وبالباطل
فلا تَهِجْ إنْ كنتَ ذا إربَةٍ ... حرْبَ أخي التجرِبة العاقل
فإنَّ ذا العَقل إذا هِجْتَه ... هجتَ به ذا خَيَلٍ خابل
تُبْصرُ في عاجلِ شدَّاته ... عليك غِبَّ الضرَر الآجلِ
وقد يقال: إنّ العفوَ يُفسد من اللئيم بقدر إصلاحه من الكريم، وقد قال الشاعر:
والعَفو عندَ لبيبِ القومِ موعِظةٌ ... وبعضهُ لسَفيهِ القومِ تدريبُ
فإنْ كنَّا أسأنا في هذا التقريع والتوقيفِ، فالذي لم يأخُذ فينا بحُكم القرآن ولا بأدَب الرسول عليه الصلاة والسلام، ولم يَفزَع إلى ما في الفِطَن الصحيحة، وإلى ما توجبهُ المقاييسُ المطَّرِدةُ، والأمثالُ المضرُوبة، والأشعار السائرة، أولَى بالإساءَة وأحقُّ باللائمة
أخذ البريء بذنب المذنب
قال اللّه عزَّ وجل: " وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌُ وِزْرَ أُخْرَى " ، وقد قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: " لا يَجْنِ يمِينُكَ عَلَى شِمَالك " ، وهذا حكمُ اللّه تعالى وآدابُ رسوله والذي أُنْزِلَ به الكتابُ ودلَّ عليه من حُجَج العقول.
فأمَّا ما قالوا في المثل المضروب رَمَتْنيِ بِدَائهَا وانسَلَّتْ، وأمّا قولُ الشعراءِ، وذمُّ الخطباءِ لِمنْ أخَذَ إنساناً بذنْب غيره، وما ضَرَبُوا في ذلك من الأمثال، كقول النابغة حيث يقول في شعره:
وكَلَّفْتَنِي ذَنْبَ امْرِئٍ وترَكْتَ ... كذِي العُرِّ يُكوَى غيرُه وهو رَاتِع
وكانوا إذا أصاب إبلَهُم العُرّ كَوَوُا السليمَ ليدفعَه عن السقيم، فأسقمُوا الصحيحَ من غير أن يُبْرِئوا السقيم.
وكانوا إذا كثُرتْ إبلُ أحدِهم فَبَلَغَت الألف، فقئوا عَينَ الفحْل، فإنْ زادَت الإبلُ على الألف فقئوا العينَ الأخرى، وذلك المفقَّأُ والمعمَّى اللذان سمعتَ في أشعارهم.
قال الفرزدق:
غلبتك بالمفقئ والمعنَّى ... وبيتِ المُحْتَبِي والخافقاتِ
وكانوا يزعمون أن المفقأ يطرد عنها العين والسواف والغارة، فقال الأوّل:
فقأت لها عَيْنَ الفَحِيل عِيَافَةً ... وفيهنّ رَعْلاَءُ المسامِع والحامي
الرعلاء: التي تشقّ أذنها وتترك مدلاَّة، لكرمها، - يذبح العتيرة وكانوا يقولون في موضع الكَفَّارة والأمْنِيَّة، كقول الرجل: إذا بلغَتْ إبلي كذا وكذا وكذلك غنَمي، ذَبحْتُ عند الأوثان كذا وكذا عتيرة، والعتيرة من نُسُك الرَّجبيّة والجمع عتائر والعتائر من الظباء فإذا بلغتْ إبلُ أحدِهم أو غنمُه ذلك العددَ، استعملَ التأويلَ وقال: إنَّما قلتُ إنِّي أذبحُ كذا وكذا شاة، والظباء شاء كما أنّ الغنم شاء، فيجعل ذلك القربانَ شاءً كلَّه ممَّا يَصِيد من الظباء، فلذلك يقول الحارثُ ابن حِلِّزةََ اليشكُريُّ:
عَنَتاً باطلاً وظُلْماً كما تُع ... تَرُ عَنْ حَجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّباءَُ
بعد أن قال:

(1/5)