عرض مشاركة واحدة
قديم 07-30-2011, 04:30 PM
المشاركة 2
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
وعبتَني بكتاب القحطانيَّة وكتاب العدنانيَّة في الردّ على القحطانية، وزعمتَ أنّي تجاوزتُ الحميَّة إلى حدِّ العصبيَّة، وأنِّي لم أصل إلى تفضيل العدنانيَّة إلا بِتنقُّص القحطانيّة، وعبتَني بكتاب العرب والموالي، وزعمت أنِّي بَخَسْت المواليَ حقوقَهم، كما أنِّي أعطيتُ العربَ ما ليس لهم، وعبتَني بكتاب العرب والعجم، وزعمت أنّ القولَ في فرقِ ما بين العرب والعجم، هو القولُ في فرقِ ما بين الموالي والعرب، ونسبتَني إلى التكرار والترداد، وإلى التكثير، والجهل بما في المُعَاد من الخَطَل، وحَمْلِ الناسِ المؤن، وعبتَني بكتاب الأصنام، وبذكر اعتلالات الهند لها، وسبب عبادة العرب إيّاها، وكيف اختلفا في جهة العِلَّة مع اتّفاقهما على جملة الديانة، وكيف صار عُبَّاد البِدَدَة والمتمسكون بعبادة الأوثان المنحوتة، والأصنام المنجورة، أشدَّ الديّانين إلْفاً لما دانوا به، وشغفاً بِمَا تعبَّدوا له، وأظهَرَهم جِدّاً، وأشدَّهم على من خالفهم ضِغناً، وبما دانو ضِنّاً، وما الفرق بين البُدِّ والوثَن، وما الفَرق بين الوثَن والصنم، وما الفرق بين الدُّمية والجثَّة، ولِمَ صوَّروا في محاريبهم وبيوت عباداتهم، صُوَرَ عظمائهم ورجالِ دعوتهم، ولم تأنَّقوا في التصوير، وتجوَّدوا في إقامة التركيب، وبالغوا في التحسين والتفخيم، وكيف كانت أوَّليَّة تلك العبادات، وكيف اقترفت تلك النِّحل، ومن أيّ شكل كانت خُدَع تلك السدنة، وكيف لم يزالوا أكثرَ الأصنافِ عدداً، وكيف شمل ذلك المذهب الأجناسَ المختلفة، وعبتني بكتاب المعادن، والقولِ في جواهرِ الأرض، وفي اختلاف أجناس الفِلِزِّ والإخبار عن ذائبها وجامدها، ومخلوقها ومصنوعها، وكيف يسرع الانقلاب إلى بعضها، ويُبطئ عن بعضها، وكيف صار بعض الألوان يَصبُغ ولا ينصبغ، وبعضها يَنْصبِغُ ولا يصْبَغُ، وبعضها يصبغُ وينصبغ، وما القولُ في الإكسير والتلطيف، وعبتَني بكتاب فرق ما بين هاشمٍ وعبد شمس، وكتاب فرق ما بين الجنّ والإنس، وفرق ما بين الملائكة والجنّ، وكيف القولُ في معرفة الهدهد واستطاعة العفريت، وفي الذي كان عنده عِلْمٌ من الكتاب، وما ذلك العلم، وما تأويل قولهم: كان عنده اسم اللّه الأعظم، وعبتني بكتاب الأوفاق والرياضات، وما القولُ في الأرزاق والإنفاقات وكيف أسباب التثمير والترقيح، وكيفَ يجتلب التجار الحُرَفاء، وكيف الاحتيال للودائع، وكيف التسبُّب إلى الوصايا، وما الذي يوجب لهم حسن التعديل، ويصرف إليهم باب حسن الظن، وكيف ذكرنا غشَّ الصناعات والتجارات، وكيف التسبُّب إلى تعرف ما قد ستروا وكشف ما موَّهوا؛ وكيف الاحتراس منه والسلامة من أهله، وعبتني برسائلي، وبكلّ ما كتبت به إلى إخواني وخُلَطائي، من مَزْح وجِدٍّ، ومن إفصاح وتعريض، ومن تغافُل وتوقيف، ومن هجاء لا يزال مِيسَمه باقياً، ومديح لا يزال أثرُه نامياً ومن مُلَح تُضحِك، ومواعظَ تُبكي.
وعبتَني برسائلي الهاشميّات، واحتجاجي فيها، واستقصائي معانيَها، وتصويري لها في أحسَن صورة، وإظهاري لها في أتمِّ حلية، وزعمتَ أنّي قد خرجتُ بذلك من حدِّ المعتزلة إلى حد الزيديّة، ومن حدّ الاعتدال في التشيُّع والاقتصاد فيه، إلى حدِّ السرف والإفراط فيه، وزعمتَ أنّ مقالة الزيدية خطبة مقالةِ الرافضَة، وأنّ مقالة الرافضة خطبة مقالة الغاليَة، وزعمتَ أنّ في أصل القضيّة والذي جَرَتْ عليه العادة، أن كلَّ كبير فأوّلهُ صغير، وأنَّ كلَّ كثير فإنما هو قليل جُمع مِنْ قليل، وأنشدت قول الراجز:
قد يَلحَق الصغيرُ بالجليل ... وإنما القَرْمُ من الأَفِيل
وسُحُقُ النخلِ ... من الفَسيل
وأنشدت قول الشاعر:
ربّ كبير هاجَه صغيرٌ ... وفي البُحور تَغرَق البحورَُ
وقلت: وقال يزيدُ بن الحكم:
فاعلم بني فإنه ... بالعلم ينتفع العلم
إن الأمور دقيقها ... مما يهيج له العظيم
وقلتَ : وقال الآخر:
صار جداً ما مزحت به ... رب جدٍ ساقه اللعب
وأنشدت قول الآخر:
ما تنظرون بحق وردة فيكم ... تقضي الأمور
قد يبعث الأمر الكبير صغيرة ... حتى تظل له الدماء تصبب
وقالت كَبْشة بنت مَعْدِ يكَرِب:

(1/2)