عرض مشاركة واحدة
قديم 11-01-2013, 09:08 PM
المشاركة 29
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بعْد الثَّمانِينَ خَبَتْ جَذْوتي=وآدَني السُّقْمُ. وطاب الرَّحيلْ!
بعد الثمانين أَبَتْ صَبْوَتي=إلاَّ انْحساراً عن جبيني الأَثِيلْ!
إلاَّ ابْتِعاداً عن هوًى قاتِلٍ=يَرْمِي به ثَغْرٌ وطَرْفٌ كحِيلْ!
عِشْتُ حَياتي مُصْغياً لِلْهوى=فَكانَ لي –أُوّاهِ بِئْسَ الدَّليلْ!
كنْتُ حُساماً مُنْتَضًى فاخْتَفى=بِغِمْدِه ما إنْ له من صَلِيلْ!
عَهْدُ الصَّبا وَلَّى. ومِن بَعْدِه=وَلىَّ شبابي راكِضاً من السَّبيلْ!
يا لَيْتَني كنْتُ تَوَقَّيْتُهُ=هذا الهوى. هذا الضَّلالُ الوبيلْ!
ما كنْتُ أَدْرِي أْنَّني سابِحٌ=في حَمْأَةٍ أَحْسَبُها السَّلْسَبيلْ!
لكنَّها كانَتْ فَفرَّتْ وما=أضَلَّنِي بالخادِعِ المُسْتَطِيلْ!
كانتْ حُساماً فَوْقَ رأْسي إذا=عَصَيْتُه كنْتُ الصَّرِيعَ القَتِيلْ!
وَيْلي من الرَّمْضاءِ هَلاَّ اسْتَوَتْ=رِجْلايَ منها بالخَمِيلِ الظَّلِيلْ؟!
لكِنَّني كنْتُ الفَتى سادِراً=في الغَيِّ يروى من قَذاةِ الغَلِيلْ!
يَلُومُني الصَّحْبُ فما أَرْعَوِي..=بل أَسْتَوِي مُنْتَشِياً بالصَّهِيلْ!
أَشْعُرُ مِن بعد المَشِيبِ الذي=أنَهكَني.. أَشْعُرُ أَنِّي العلِيلْ!
عَلِيلُ جِسْمٍ راعِشٍ يَنْحَنِي=على عَصاهُ. في الضُّحى والأَصِيلْ!
يَنْشِجُ في صَمْتٍ لِئَلاَّ يرَى=منه الوَرى الدَّمْعَ. ويُخْفي العَوِيلْ!
وَيْلي من النَّارِ الَّتي اكْتَوَى=بها. ومن شجوى وسُهدي الطَّويلْ!
ومِن ضَمِيرٍ لم أُطِعْ نُصْحَهُ=كأَنَّما يَطْلُبني المُسْتَحِيلْ!
يَخِزُني وخْزاً تسيل الحشا=به دَماً يجري. وما من مُقِيلْ!
فيا لَعِصْيانٍ مَضى يَبْتَلي..=حاضِرَهُ منه بِهَمٍّ ثَقِيلْ!
أَيا ضَمِيري.. إنَّني نادِمٌ=فيا لِعِزٍّ يَشْتَهِيهِ الذَّلِيلْ!
قد كنْتُ بُوماً ناعِباً من الدُّجى=فكيف أَشْدُو في الضُّحَى بالهَدِيلْ؟!
والشِّعْرُ كم أَرْسَلْتُهُ شادِياً=فَصاغَ دُرّاً في الأَثيث الأَسِيلْ!
من الحَوَرِ السَّاجي يُذِيبُ الحَشا=والقَدِّ يختال طَرِيداً.. نَحِيلْ!
وكادني الحبُّ كما كِدْتُهُ=ورُبَّما بَزَّ النَّشِيطَ الكَليلْ
بالشِّعْرِ كنْتُ الشَّامِخَ المُعْتَلِي=الكاسِب الحَرْبَ بِسَيْفٍ صَقِيلْ!
كم دانَ لي الحُسْنُ فأكْرَمْتُهُ=من بَعْد أَنْ دانْ. وكان البَخِيلْ!
ذلك عَهْدٌ كنْتُ ذا مِرَّةٍ=به. ولم يَبْق لها من قَلِيلْ!
كم أتَمنىَّ أنَّها لم تَكُنْ=وأنَّني كنْتُ الضَّعيفَ الهَزِيلْ!
فقد يكونُ الضَّعْفُ لي عِصْمَةً=من جَنَفٍ كنْتُ به أَسْتَطِيلْ!
واليَوْمَ إنَّي هَيْكَلٌ راعِشٌ=يَبِسُهُ راحَ. وراحَ البَلِيلَ!
يَدِبُّ.. يَسْتَنْشِقُ بَعْضَ الشَّذا=من رَوْضِهِ الذاوِي ورَطْب النَّجيلْ!
مِنْ بَعْدِ أَنْ كانَ كثيرَ النَّدى=بالثَّمَرِ الحالِي.. زاهي النَّخِيلْ!
أسْتَغْفِرُ الله. وأرجو الهُدى=منه يُوافِيني بِصَفْحٍ جَمِيلْ!
هُناكَ ما أَجْمَلَ تِلْكَ الصُّوى=تَهْدِي. وما أَسْعَدَ فيها النَّزِيلْ!
ويا أُهَيْلي ورِفاقي الأُلى=كانوا هَوايَ المُسْتطابَ الحَفِيلْ!
من كانَ مِنهُمُ لم يَزَلْ بالحِمى=يَزِينُه.. يَشْرُفُ منه القَبِيلْ!
ومَن تَناءى. فهو في دارِهِ=تِلْكَ التي تُكْرِمُهُ بالجَزِيلْ!
كم طَوَّقُوني بالمُنى حُلْوَةٌ=وبالرُّؤى رفَّافَةً تَسْتَمِيلْ!
وكنْتُ لا أَشْكو الوَنى مَرَّةً=إلاَّ وجاءوا بالمُثِيبِ. المُنيلْ!
أَسْتَنْزِلُ الرَّحْمَةَ لِلْمُنتَأي=وأَنْشُدُ النُّعْمى لباقي الرَّعِيلْ!
وارْتَجي الغُفْران مِنْهُم على..=ما كانَ مِنِّي قَبْلَ يَوْمِ الرّحَيلْ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....