عرض مشاركة واحدة
قديم 04-02-2011, 09:12 PM
المشاركة 7
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



إن الموقع الفني الذي احتلته أشعار ريتش إن لجهة حدّة مواقفها ونبرتها أو لجهة رفضها للتقليد الشعري السائد، شغل النقاد خلال كل مراحل تجربتها منذ بداياتها التقليدية، مروراً بكتاباتها النسوية في السبعينات، وحتى مرحلة ما بعد الحداثة في الثمانيات وكتاباتها النقدية التي طاولت موضوعات عديدة منها إرثها الشخصي، والإرث التاريخي والحضاري لبعض الأماكن، وأيديولوجيات الزمن والتقدم في السن. سبعة كتب نقدية صدرت باللغة الإنكليزية في خلال العشرين سنة الماضية، كلها تناولت كتابات ريتش، وكلها تعارضت في وجهات النظر، وفي كيفية قراءة أعمالها، وهذا إن دلّ على شيء، فإنما على التحديات التي تفرضها أشعارها على مستوى النقد الأكاديمي.


ففي حين أن الناقد "روبرت بويرز" يعمد إلى مهاجمتها بعنف معتبراً أن أشعارها مشحونة بالدعائية المغثية لراديكاليْ الثقافة التقدميين، حاثاً إياها إلى التخلي عن فكرة بأن تكون كاتبة معاصرة، مرتقية إلى مستوى جمالي أعلى (وتجدر الإشارة إلى أن كلمة "معاصرة" قد تنطوي لفئة من النقاد التقليدين على افتقار في الحس الجمالي تجاه الجاذبية الحقة لفن الشعر، ما يحدو بهم أحياناً إلى استخدامها كنعت سلبي) نجد أن الناقدة "ويندي مارتن" تثني على أشعارها، لقدرتها على تشكيل عنقود صعب معقد من المفاهيم التي تجسد واقع المرأة المعاصرة.


ومن أحدث الدراسات المطولة لأعمال ريتش هو كتاب "كريغ ورنر" " أدريان ريتش: الشاعرة ونقادها" الذي صدرعام 1988 ومما ورد فيه: "بمنحى ذاتي شديد وسياسي أشد، فإن ريتش لا تني تتحدى بأشعارها مضامين الخطاب البطريركي أينما أطلق لها العنان، أكانت طي النقد الأكاديمي أو الخطاب السياسي أو حتى لغة الذات.



إن الأهمية التي توليها ريتش في كتاباتها لمدى قدرة الشعر على التواصل تجعلها تسير في ركب شعراء أميركا المعاصرين، ولكن ضد تيار النقد الأميركي التقليدي. تقول الناقدة "هيلن فندلر": "إن ريتش لا تختلف عن معظم شعراء أميركا المعاصرين، أتباع البساطة في الأسلوب، والمناوئين لفكرة النهوض بمستوى الجمالية في الكتابة بحيث تجاري الذائقة النخبوية على حساب إمكانيات القارئ العادي".


وتطالب ريتش بأن يجري تقييم أعمالها والحكم عليها على أساس فعاليتها لا جماليتها، ودون اللجوء إلى المفاهيم العُرفية عن الجمال.


وعلى هذا الأساس فإنه ثمة تقويض للأسس التي تقوم عليها سلطة القصيدة وهيبتها. ويصبح معيار قيمة القصيدة ليس في مدى شاعريتها، بل في مدى مساهمتها في خلق بُعد شاعري، وقد تضحي قصيدة ما بمعيارالفاعلية هذا، عنواناً لمطلب اجتماعي أو شعاراً سياسياً دونما أن تكون بالضرورة جيدة. إلا أن النقاد الملمين بالثقافة النسوية والمنحازين إلى أفكارها، يركزون على مدى أهمية دور القارئ في المساهمة في كتابات ريتش في سبيل تحقيق التأثير البرغماتي لأشعارها وذلك في سياق تحويل القارئ من متلق سلبي إلى مشارك فعّال.



وبينما تواصل ريتش بحثها كما تقول" عن قارئ يستحيل في نظره أن أكون مخطئة" فإن النقاد بدورهم لن يتمنعوا عن أن يكونوا هذا القارئ، فقط في ما لو كانت نصوصها أقل استفزازية وخصوبة في إثارة الأسئلة والجدل، وأقل جرأة في رفض التابوات، وأكثر انسجاماً مع المعايير الجمالية والنقدية السائدة، ما كان سيجعل من انسحابها من أرض المعركة، الطريق الأسهل والأضمن لكسب المعركة، ولكن هيهات.






هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)