الموضوع: طوبى للغرباء
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
6

المشاهدات
2978
 
حسام الدين بهي الدين ريشو
مشرف منبر بـــوح المشـاعـر

اوسمتي


حسام الدين بهي الدين ريشو will become famous soon enoughحسام الدين بهي الدين ريشو will become famous soon enough

    غير موجود

المشاركات
7,004

+التقييم
1.47

تاريخ التسجيل
Apr 2011

الاقامة

رقم العضوية
9844
12-05-2017, 11:52 AM
المشاركة 1
12-05-2017, 11:52 AM
المشاركة 1
افتراضي طوبى للغرباء
طوبى للغرباء
=======
حسام الدين بهي الدين ريشو
==============
كان أشبه بموسى زمانه .. وُلِد في إحدى الجزر وتربص به فرعون الثأر .. ولما اشتد خوف الوالدين عليه .. جاءهم من أقصى الجزيرة رجل يسعى .. فأوحى إليهم أن يلقوه إلى البر ؛ فوجدوا في ذلك مخرجا .
تلقته يد خير فبسطت عليه رداءها وتربى في كنفها غريبا عن الأهل.
واعتملت في نفسه آلام الغربة فاكتفى من الحياة بهامشها ؛ منطويا على نفسه .. غريبا عن مجرياتها .. مُفتقدا أخا يشد الأزر ويُشرِكه في الأمر .
كان اشتياقه إلى الأنس يرهقه ؛ فينتزع الصفاء من وجدانه .. وبلغ من تلهفه عليه أن بثه مولودته الأولى فأسماها " إيناس " علها تعوضه عن شرائح الأمل المتساقطة من داخله تقطعها غيوم اليأس المتدفقة .
أكثر ماكان يرافقه البكاء على نفسه بكاء خفيا لايراه أحد أو يستشعره .. وكأنه ميت حي .
أحيانا كان الغرباء من أمثاله يتخذونه إماما لهم ... فهذا تخلت عنه رفيقته وهي التى كانت تسكن العين وتتمدد في مقام القلب .وذاك ناصبته أحداث الزمان العداء .. وذلك يئن من خيبة الآمال وعلى هذا المنوال سار بهم زورق الايام في يم الحياة التى تنوء بتهاويل الغربة والوحدة .. تقطعها على فترات متباعدة زيارة من الأهل في خفاء خشية أن يكون فرعون الثأر مترصدا للخطى .
لم يسترح قلبه يوما ... فالنهارات كئيبة قاحلة والليالي يمزقها نصل الجراح . وصار كما كُرَةً تتقاذفها عذابات الغربة وآلام الوحدة المتسكعة دوما بين أطياف الماضي وخوف الآتي .
ضاقت أوردة القلب وشرايينه بما تحمل وأطل الموت الحقيقي بعد جراحة في محاولة للإنقاذ.
ذهب إليها ولم يرجع .. لا أيدي الأهل تلقفته ولا عيون الأبناء رأته .
جاء رحيله المبكر غريبا كحياته التى كان الشقاء توأمها .
وعندما أصبح جسدا في كفن ؛ انحنى الغرباء إجلالا للرحيل .
بكت عيونهم إنتهاء تلك القصيدة المأساوية لأبي إيناس الذي تربى غريبا وعاش وحيدا ثم قضى نحبه غريبا بعدما عجز القلب عن المقاومة ولم تعد له مقدرة على شيء إلا أن ينثر دماءه على ايدي الأطباء وفوق الملاءات البيضاء.
خمدت منه الأنفاس لتتحرر كما يقول جبران من تقلبات الزمن كيما تصعد وتنطلق ساعية إلى الله بغير قيود .
وداعا أبا إيناس وطوبى للغرباء .