عرض مشاركة واحدة
قديم 02-09-2012, 01:10 PM
المشاركة 243
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع
العشاق
د. جوني منصور



ويعود بعد إصراره على حق العودة إلى توجيه النقد اللاذعلسوء التنظيم في الجانب العربي:" ولكن الجماهير غير منظمة، الغضب يملأ الصدور، وهذاالغضب تأجج عندما اعتدى الصهاينة على السموع، ولم يدافع الجيش الملكي عن الناس،وفضلاً عن الغضب هناك الإصرار على تحرير الوطن، ولكن الناس غير منظمين"(ص 141).
ويعترف محمود أن "حدود الضفة الغربية مفتوحة أمام اليهود، لا سلاح، ولا ملاجىء،لا ثقة بالحكومة، ولعبة المعاهدة التي وقعها الملك في القاهرة، مضحكة ومكشوفة، أمانحن فما زلنا غير قادرين على قيادة الناس، عواطفهم معنا، هذا صحيح، ولكن ما نحتاجهأكثر من العواطف"(ص 142).
إن طرح موضوع القيادة كان في صلب النقاش الفلسطينيلفترة طويلة ولقد لعبت بعض الأنظمة العربية دورا في تمييع تكوين قيادة واقعيةحقيقية إلى أن اتخذ الفلسطينيون قرارهم بتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وتحويلهاإلى جسم تمثيلي وحيد لهم لتنطلق مسيرة بناء القيادة رغم الزعزعات التي تعرضت لهاهذه المنظمة عبر العقود الأربعة الأخيرة.
وأثارت حرب حزيران 1967 تساؤلات كثيرةومتكررة لدى كل فلسطيني وعربي من حيث الاستعدادات العسكرية السابقة لها. هل كانتكافية؟ هل تعرف العرب بما فيه الكفاية على المبنى التنظيمي الأمني/العسكريالاسرائيلي؟ويأتي الجواب على لسان محمود:" لسنا ندري ماذا نفعل، ما هذه الحرب، وإلىأين تتجه؟ وكيف ستكون نتائجها. ولكن ومع كل الاحتمالات، فهناك أمر لن تحققه هذهالحرب: إنها لن تحرر فلسطين"(ص 154).
ولا يمر أبو شاور مرورًا خاطفًا علىالانجازات الحربية التي كانت تحققها الإذاعات العربية في ذاك العام(أي 1967) بينماالتقهقر والهزيمة في ميدان الواقع:" في صدري نار. الإذاعات تقول: نحن نتقدم ونحرر. طائرات العدو تحرق المعسكرات بسهولة عجيبة. حرب الإذاعة، وحرب أخرى أمامنا، هناكحربان يا حسن"(على لسان زياد ص 162).
ويؤكد محمود في سياق استعراض حالة الجيوشالعربية أن الإذاعات تقول أشياء والواقع ينفي أغانيهم وتفاؤلهم(ص 165).
ويشيرإلى لغة الخطاب التي استعملها قادة العرب، وهي لغة عفى عليها الزمن فـ" هذا صوتالملك يقول: قاتلوهم بأظافركم وأسنانكم"(ص 165). وبسخرية مسرحية تثير الضحك والأسىفي ذات الوقت يجيب" الأمور سيئة وما يزيدها سوءا يا أمي أن أظافرنا قد قلمت،وأسناننا كسرت"(ص 166). وهذه إشارة واضحة وفاضحة إلى قمع الأنظمة العربية لحركاتالمقاومة والثورة. حتى لم يبق أي شيء يستطيعون بواسطته مواجهة العدو بما في ذلكأظافرهم وأسنانهم. لقد أُفرغت المقاومة من كل إمكانية للمقاومة الفعلية، ليبقالنظام الحاكم سائدًا وليذهب الفلسطيني وقضيته إلى الجحيم!.
ولا يتوقف النقداللاذع عند هذا الحد بل يسترسل كل من محمود وزياد في تفصيل العجز السائد في الساحةالسياسية/العسكري:" هذا خطاب كوميدي على نحو ما، فيه شيء من التفكه، وخفة الدم،ولكن كان ينقصه أن يأمرنا بأن نحاربهم بأعضائنا التناسلية، إلاّ إذا كان هذا السلاحمحرم دوليا"(ص 166).
ويفتح أبو شاور حساباته التاريخية ـ حسابات الشعبالفلسطيني ـ ليحاسب الزعامة العربية" لو امتلك بعض القنابل الذرية، إذن لفجرت الكرةالأرضية، وأنهيت سفالة الإنسان. لو امتلك القدرة على إلقاء القبض على الزعاماتالعربية ومحاسبتهم جميعًا، في الساحات العامة وعلى المكشوف، آخ من كل شيء"(ص 168).
ويُصرّ الفلسطينيون على رفض خوض تجربة الرحيل للمرة الثانية كي لا يتحقق مشروعالعدو بتفريغ فلسطين من أهلها. كانت التجربة الأولى في العام 1948 قاسية وصعبةومهينة، حيث فقد الفلسطينيون أرضهم وبيوتهم وأملاكهم ولم يبق لديهم سوى شيء واحدوهو الصراع من أجل البقاء والديمومة." يظنون أن باستطاعتهم كشطنا عن أرضنا، نحنلسنا هذه البيوت الطينية التي يسهل هدمها، نحن التراب، فكلما كشطوا طبقة واجهواأخرى، وكلما أزاحوا صخرة، جوبهوا بصخرة. أنا باق ولن أرحل. ستظل أمي معي وأخي محمدوهذه أرضنا وهنا سنموت"(ص 171).
هذا التحشيد للقوى الروحية والنفسية سلاح صنعهالفلسطينيون ليستمروا في كفاحهم وصراعهم من أجل البقاء ومن أجل إعادة الكرامةبقواهم الذاتية ودافعيتهم نحو مستقبل يستحقونه لكونهم أصحاب حق.
ويوجه أبو شاورنقدًا لاذعًا للشرطة التي من واجبها حماية المواطنين الفلسطينيين ولكنها تبرح أريحاومواقع أخرى متواجدة فيها. حتى العلم لم يدافعوا عنه، وهذا دليل على ابتعادهم عنالأصول والقيم، فالعلم يدافع عنه الفلسطينيون لأنه علم عربي سيأتي يومًا يرفرفعاليًا فوق هضاب وتلال الوطن الغالي. " رفع الشباب رؤوسهم، فرأوا العلم يرفرف،وكأنه طائر انطلق بعد طول حبس، أخذ يضرب بالهواء بجناحيه ببطء، وكأنما يمرنالجناحين ويفجر طاقته المخزونة، ثم يرتفع ويرتفع في الأفق..."(ص 175).
هنا،أدرك الفلسطينيون معنى ومفهوم حماية العلم والحفاظ عليه لأنه رمز وجودهم التاريخيوتطلعاتهم المستقبلية نحو الحرية والاستقلال.
من هذه الحرب تفتقت عيونالفلسطينيين على واقع جديد عليهم مجابهته بأنفسهم. لقد تحرروا من احتلال الأنظمةالعربية للقضية الفلسطينية، ووقعوا تحت احتلال بشع وقمعي وشرس جعلهم يتخذون قراراذاتيا بالتحرر الذاتي من ربقة هذا الاحتلال.
ومن بين الخطوات الأولى لمواجهةالاحتلال الاسرائيلي هو عدم الرحيل نحو الشرق، وعلى كل فلسطيني التمسك بوطنه وأرضهوعدم تركها إطلاقا(ص 184).
كانت الهزيمة في العام 1967 مؤشرًا لتنشيط العملالفدائي النشط لإنقاذ فلسطين والسعي من أجل خلاصها وإعادة أبنائها إليها.
واجتمعت جميع الأطراف الفلسطينية المدنية والدينية (بشخص الأب الياس) على أنالحل الأساسي في سبيل خلاص وتحرير فلسطين هو حمل السلاح. فالفلسطيني" لم يخترمنفانا" كما قال غسان كنفاني في روايته" رجال في الشمس".
لقد كان احتلال الضفةالغربية بالنسبة للفلسطينيين بداية حقيقية وواقعية للتعرف على العدو. لم يعد التعرفعلى العدو من خلال الإذاعات والدعاية الكاذبة، إنما من خلال الاحتكاك اليوميوالصراع الدائم(ص 210).
ويحتاج كل شعب إلى من يرفع معنوياته ويبعد عنه الكربوالكآبة والتقهقر النفسي، ويردد محمود كلمات تدل على وعي كبير وإدراك عميق لأهميةالحفاظ على ترابط الشعب الفلسطيني وتماسك إرادته مهما تشتت شمله جغرافيا" الآن تبدأالمعركة فعلاً، هذا هو الاشتباك الحقيقي، يريدون تدمير إرادة المقاومة عند شعبنا،ولكنهم لن ينجحوا"(ص 230).