عرض مشاركة واحدة
قديم 12-05-2011, 01:04 PM
المشاركة 95
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
- حنا مينه روائي سوري ولد في 9 اذار 1924.
- عاش حنا طفولته في إحدى قرى لواء الاسكندرون علي الساحل السوري.
- وفي عام 1939 عاد مع عائلته إلى مدينة اللاذقية وهي عشقه وملهمته بجبالها وبحرها.
- كافح كثيراً في بداية حياته وعمل حلاقاً وحمالاً في ميناء اللاذقية، ثم كبحار على السفن والمراكب.
- اشتغل في مهن كثيرة أخرى منها مصلّح دراجات، ومربّي أطفال في بيت سيد غني، إلى عامل في صيدلية إلى صحفي أحيانا، ثم إلى كاتب مسلسلات إذاعية للاذاعة السورية باللغة العامية، إلى موظف في الحكومة، إلى روائي.
- في عام 1947 استقر به الحال بالعاصمة دمشق وعمل في جريدة الانشاء الدمشقية حتى أصبح رئيس تحريرها .
- حنا مينا أب لخمسة أولاد، بينهم صبيان، هما سليم، توفي في الخمسينيات، في ظروف النضال والحرمان والشقاء، والآخر سعد، أصغر أولاده، وهو ممثل ناجح ومعروف الآن.
- يقول أنا كاتب الكفاح والفرح الإنسانيين
- وكانت التجربة الأولى في حي (المستنقع) الذي نشأت فيه في اسكندرونة، مثل التجربة الأخيرة، حين أرحل عن هذه الدنيا
- يصف مسيرة حياته الطويلة بأنها كانت مشياً ، وبأقدام حافية، في حقول من مسامير، دمي سال في مواقع خطواتي، أنظر الآن إلى الماضي، نظرة تأمل حيادية، فأرتعش. كيف، كيف؟!
- وقف في وجه الاستعمار الفرنسي وعمره 12 عاما وعاش حياة قاسية، وتنقل بين عدة بلدان سافر إلى أوروبا ثم إلى الصين لسنوات لكنه عاد.
- دخل المعترك السياسي الحزبي مبكرا وهو فتى في الثانية عشرة من عمره وناضل ضد الانتداب الفرنسي، ثم هجر الانتماء الحزبي في منتصف الستينيات، وكرّس حياته للأدب، وللرواية تخصيصاً.
- عاش رحلة اغتراب قاسية بين المدن : انطلق من اللاذقية إلى سهل أرسوز قرب أنطاكية، مروراً باسكندرونة ، ثم اللاذقية من جديد، وبيروت، ودمشق، وبعد ذلك تزوج، وتشرد مع عائلته لظروف قاهرة، عبر أوربا وصولاً إلى الصين، حيث أقام خمس سنوات، وكان هذا هو المنفى الاضطراري الثالث، وقد دام العشرة من الأعوام..
- يقول بدأت رحلة التشرد وأنا في الثالثة من عمري، وهذه الرحلة من حيث هي ترحال مأساوي في المكان، عمرها الآن ثمانون عاماً، أما رحلتي في الزمان فهي أبعد من ذلك وستبقي ما بقيت .

- ويقول كان أبي رحمة الله رحالة من طراز خاص، لم ينفع ولم ينتفع برحلاته كلها، أراد الرحيل تلبية للمجهول، تاركاً العائلة أغلب الأحيان، وفي الأرياف للخوف والظلمة والجوع، ولطالما تساءلت وراء أي هدف كان يسعي؟ لا جواب طبعاً، انه بوهيمي بالفطرة .

- ويقول " كنت عليلاً، أمي وأخواتي الثلاث عملن خادمات، عملت أنا الصبي الوحيد، الناحل، أجيراً.

- ويقول " منذ يفاعتي: اننا جياع، عاطلون عن العمل، مرضي، أميون، فماذا يريد أمثالنا؟ العمل، الخبز، المدرسة، المستشفي، رحيل الانتداب الفرنسي ومطالبة الحكومة في فجر الاستقلال أن تفي بوعودها المقطوعة لأمثالنا...
- ويقول كيف اشعر بالأسف وكيف أشعر به وحياتي نفسها ضائعة؟
- اصبح سياسي مطارد
- يقول "عشت عمري كلّه مع المغامرة، كنت علي موعد مع الموت ولم أهبه، الموت جبان لمن ينذر له نفسه. ثمانون عاماً تضعني علي مزلقها والموت الذي أسعي اليه يفرّ مني !
- عندما سؤل ذات يوم من أي جامعة تخرجت اجاب " "من جامعة الفقر الأسود! والفقر نوعان: أبيض كالذي اعيشه الآن، وأسود كالذي عشته في طفولتي، حين كنت جائعاً، حافياً، عارياً،
- - يقول " ألقيت بنفسي في التيار الهادر لمقاومة الاحتلال الفرنسي، تمنت الأم لو لم ترسلني إلى المدرسة، وان أكون راعياً، بدل ان أكون مكافحاً في سبيل الاستقلال،
- يقول "ما عانيته في السجون الفرنسية، وحتى السجون الوطنية، على امتداد عهد الاقطاع، بعد الاستقلال، كان يؤرق امه.
- عمل أجيراً واجيراً وأجيراً،
- تطوع في البحرية بعد دخول قوات فرنسا الحرة إلى سوريا، في الحرب العالمية الثانية، ولما لم يكن له حظ التعبئة والتسويق إلى العلمين، لقتال جيش رومل، ذئب الصحراء، فقد تركت الخدمة كجندي في البحرية، ليصبح بحاراً، لمدة قصيرة، على المراكب الشراعية، التي تنتقل بين مرافئ المتوسط العربية،
- في البحر وعلى تلك المراكب واجهه العواصف، عاين الموت، في نظرات باردة، لأفعى اللجة، ومن هناك كان ولعه بالبحر، ثم الكتابة عنه، عندما تعاطى مهنة الحرف الحزينة، القذرة واللذيذة، حسب تعبير ارنست همنغواي، والتي لا انفكاك منها سوى بالموت.
- قال " انني ولدت بالخطأ، ونشأت بالخطأ، وكتبت بالخطأ، فالطفل العليل، الذي تنوس حياته كذبالة الشمعة الواهنة، لم تطفئ ريح المتون ذبالة شمعته، وبعد الابحار على المراكب، غدا الرغيف خيَّالاً، وعلي، سداً لجوع العائلة، ان اركض وراءه، ولا أزال، وفي مزدلف الشوط، لم يكن لي، بعدُ، شرف الفروسية، فقد اضطررت للعمل حمالاً في المرفأ، ثم حلاقاً على باب ثكنة في مدينة اللاذقية، ومن الحلاقة إلى الصحافة، ومن الصحافة إلى كتابة المسلسلات الاذاعية، بالفصحى والعامية، ومنها إلى الوظيفة في وزارة الثقافة،
- عانى المنافي، لأسباب قاهرة، حيث التشرد في أوروبا، والنوم تحت الجسور في سويسرا، وطلب العمل، لا العلم، في الصين،
- يقول " حياتي الحافلة بالتجارب القاسية، قد نفعتني "أنا الحديدة التي تفولذت بالنار" في المقبل من أيامي، عندما بدأت بالكتابة الفعلية في الأربعين من عمري.

- يقول "انني نصف عاقل نصف مجنون، وانني، كما أقول، أفضّل نصفي المجنون على نصفي العاقل!

- يقول " نكبت في ثلاثة أجيال من عائلتي، ولا ازال رازحاً تحت نير اخطائي الكثيرة، غير المبررة بأي وجه، وانني احمل همي في طريقي الى، وأتألم من ثلاث عاهات: أولها معدتي التي لا ينفع فيها دواء، لأن بها كسلاً في الأمعاء، وتشنجاً في الجهاز الهضمي، وثانيها نتوءات عظمية في ظهري، أكاد أصرخ من ألمها، وثالثها ركبتي اليمنى، وما فيها من جفاف، لهذا ينصحني الأطباء أن أكتب ساعة واحدة، أستريح بعدها، وأنا أعاند وأكتب ساعات متواصلة.

- ويقول " ولدت، كما هو معروف عني، بالخطأ، ونشأت بالخطأ، وكتبت بالخطأ أيضاً، ولنبدأ بالكلام على حياة الطفولة، هذه التي أصبحت بعيدة جداً الآن، من حيث هي ترحال مأساوي في المكان، عمرها الآن ثمانون عاماً، أما رحلتي في الزمان، فهي أبعد من ذلك، وستبقى ما بقيت، بسبب أن التأمل، التلفت، الاستشراف، تمثل الوعي الأول للوجود، وكل هذه الذكريات التي تنثال في الخاطر، أصبحت مرنقة الآن، وأنا ألعنها لأنها تغتالني بلا رحمة!

- ويقول "والدتي اسمها مريانا ميخائيل زكور، وقد رُزقت بثلاث بنات كن، بالنسبة لذلك الزمان، ثلاث مصائب، عانت منهن الكثير الكثير، فالوسط الفقير الى حد التعاسة، كان يشكل عقلية سلفية بالغة القسوة، وقد تعاون هذا الوسط، وما فيه من ظلم ذوي القربى، على اذلال والدتي، باتهامها أنها لا تلد إلا البنات، وكان المطلوب أنه تلد المرأة الصبيان، وفي الأقل الأقل، أن تلد صبياً بعد بنت، لكن القدر شاء أن تحمل وتلد البنات الثلاث بالتتابع، الأمر الذي كان يحمل إليها مرارة الشقاء، بالتتابع أيضاً.
- ويقول "ولدت عليلاً، ونشأت عليلاً، وكان الموت والحياة يحومان حول فراشك، الذي كان طراحة على حصيرة في بيت فقير الى حد البؤس الحقيقي..
- يقول ان امه كانت تقول له " كنت شمعة تنوس ذبالتها في مهب ريح المرض، وكنت اسأل الله، وأنذر النذور، وأسأل الريح، بكل ما في الابتهال من ضراعة، ألا تنطفئ الشمعة التي كنتها، حتى لا أفجع فجيعة تودي بي إلى القبر، وشاء الله، سبحانه وتعالى، أن تعيش في قلب الخطر، وهذا الخطر لازمك حتى الشباب، وعندها تحول من خطر الموت إلى خطر الضياع، في السجون والمنافي، هذه التي أبكتني بكاءً مضاعفاً، خشية ألا أراك، وأنت تعطي نفسك للعذاب في سبيل ما كنت تسميه المتحرر من الاستعمار الفرنسي، وتحقيق العدالة الاجتماعية!».
- ويقول أنفقت طفولتي في الشقاء، وشبابي في السياسة، ولئن كان الشقاء قد فُرض علي من قبل المجتمع، فعشت حافياً، عارياً، جائعاً، محروماً من كل مباهج البراءة الأولى، فإن السياسة نقشت صورتها على أظافري بمنقاش الألم، فتعلمت، مبكراً، كيف أصعّد الألم الخاص إلى الألم العام، وكيف أنكر ذاتي، وأنتصر على رذيلة الأنانية، وكل اغراءات الراحة البليدة، التي توسوس بها النفس، فكان الإنسان في داخلي، إنساناً تواقاً الى ما يريد أن يكون، لا إلى ما يُراد له أن يكون.
- ويقول كان المحيط الاجتماعي الذي نشأت فيه، بتمام الكلمة، أمياً، متخلفاً، إلى درجة لا تصدق.. لم يكن في حي المستنقع كله، من يقرأ ويكتب. كان سكان هذا الحي، والأحياء المجاورة، من المعذبين في الأرض، الباحثين، دون جدوى، عن الخلاص، وعن العدالة الاجتماعية التي لا يعرفون اسمها بعد!
- لا يعرف متى وات والديه .

واضح ان هناك عوامل كثيرة جعلت حنه منيه ينصهر في بوتقة الالم كما قال مرة، ومن ذلك المرض والترتيب في الاسرة الفقر، والسفر والترحال الدائم، وغياب الاب الذي لم يكن منه نفع كما يقول الكاتب، والسجن ، والبحر، والموت الذي ظل يحوم منذ الطفولة المبكرة. وحيث اننا لا نعرف متى مات والداه يمكننا اعتباره مأزوما وهو حتما وحسب الوصف

يتيم اجتماعي.