عرض مشاركة واحدة
قديم 11-11-2010, 10:02 AM
المشاركة 34
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وهـذَا الفـؤادُ فـلاةٌ بَـرَاحٌ
بهَا غَيرُ خيْلِكِ لـمْ تصْهَـلِ

في هذا البيت يصف الشاعر قلبه، ذلك القلب الذي أصابه سهم الحب فأصبح ولهان يغلي كالمرجل كنتيجة لحبه لتلك الفتاة فتفجرت من ثناياه ينابيع الشعر الحار الملتهب والغزير.

ونجد الشاعر هنا يصف قلبه ويشبهه بـ(الفلاة) وهي الصحراء الواسعة أو البيداء، بينما يشبه الشاعر نفسه أو صدره (براح) أي الأرض الأشد اتساعا فتكون الأرض الشاسعة بأتساع الصحراء الغربية، فقلبه واسع بوسع الصحراء في صدر أوسع بكثير.

أما لماذا يشبه الشاعر قلبه، في وسعه، بالصحراء الواسعة، في هذا التشبيه البليغ والجميل؟!

الجواب يأتينا في الشطر الثاني من البيت، إذ يخبرنا الشاعر بأنه وعلى الرغم من ذلك الاتساع فأن هذه الأرض لم يمر عليها ولم يصهل بها أي خيل سوى خيل الحبيبة...تلك الفتاة الجميلة ملهمته ومفجرة ينابيع الشعر والحكايات في قلبه وذهنه...وفي ذلك كناية عن إخلاصه لها في حبه فلم يعرف سواها ولم يسمح لأحد غيرها من النساء أن يَعّبُرْ إلى ذلك القلب...وربما جاء التشبيه أيضا ليوحي وليعبر عن الحالة النفسية التي انعكست على الشاعر على اثر الهجران فقلبه أصبح خاليا مثل الصحراء وليس حدائق غناء!

وكأننا هنا نسمع صوت الشاعر وهو يخاطب حبيبية ربما مستعطفا إياها ومعلنا بأن قلبه لم يعرف حب آخر سوى حبه لها...وربما هو يلومها على بعدها وهجرها وصدودها رغم كل ذلك الإخلاص من ناحيته لها.

ونجد هنا صورة شعرية جميلة للغاية أيضا، فمن ناحية يشبه الشاعر قلبه بصحراء في وسعها، بينما يوصل لنا ما أراد أن يصفه بأنه حبه الأول والوحيد بصهيل الخيل الأول والأوحد الذي تعرفه تلك الأرض الشاسعة.

وهنا نجده يعود لاستخدام كلمة الخيل فنكاد نسمع صوت صهيل الخيل وهي تتراكض في ثنايا قلبه...ونكاد نرى صورتها وهي تعدوا في تلك الصحراء الشاسعة لوحدها..وما أجملها من صورة!

وذلك الاستخدام لصورة الخيل يوقظ فينا موروث ثقافي مرتبط بالخيل ونواصيها وجمالها من ناحية، ويستحضر في ذهننا خيول الشعراء الكبار أمثال المتنبي، كما يحرك فينا بعنف حاسة السمع من خلال استخدام كلمة (صهيل) وهي من أهم الحواس على الإطلاق، كما أنها أول حاسة تتفعل لدى الطفل عند الولادة...فنكاد نسمع صهيل الخيل ...ولذلك كله يكون وقع الصورة الشعرية هنا بليغ الأثر على المتلقي.

يتبع،،