الموضوع: كشكول منابر
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-13-2018, 05:40 PM
المشاركة 2047
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
كتب الكثير من الأشعار في رثاء الأندلس
ولكن هذه القصيدة تميزت عن غيرها ..
صاحبها : أبو البقاء الرندي
يقول فيها :
لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ ****فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأيامُ كما شاهدتها دُولٌ ****مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
وهذه الدار لا تُبقي على أحد**** ولا يدوم على حالٍ لها شان
يُمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ*****إذا نبت مشْرفيّاتٌ وخُرصانُ
وينتضي كلّ سيف للفناء ولوْ**كان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدان
أين الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ***وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ ؟
وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ **وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ ؟
وأين ما حازه قارون من ذهب******وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ ؟
أتى على الكُل أمر لا مَرد له ****حتى قَضَوا فكأن القوم ما كانوا
وصار ما كان من مُلك ومن مَلِك**كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ
دارَ الزّمانُ على (دارا) وقاتِلِه******وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصَّعب لم يسْهُل له سببُ*****يومًا ولا مَلكَ الدُنيا سُليمانُ
فجائعُ الدهر أنواعٌ مُنوَّعة*********وللزمان مسرّاتٌ وأحزانُ
وللحوادث سُلوان يسهلها********وما لما حلّ بالإسلام سُلوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له**** هـــــوى له أُحدٌ وانهدْ ثهلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فامتحنتْ **حتى خَلت منه أقطارٌ وبُلدانُ
فاسأل (بلنسيةً) ما شأنُ (مُرسيةً) **وأينَ (شاطبةٌ) أمْ أينَ (جَيَّانُ)
وأين (قُرطبة)ٌ دارُ العلوم فكم*****من عالمٍ قد سما فيها له شانُ
وأين (حْمص)ُ وما تحويه من نزهٍ****ونهرهُا العَذبُ فياضٌ وملآنُ
قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما ******عسى البقاءُ إذا لم تبقَ أركانُ
تبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من ! ;أسفٍ****كما بكى لفراق الإلفِ هيمانُ
على ديار من الإسلام خالية ******قد أقفرت ولها بالكفر عُمرانُ
حيث المساجد قد صارت كنائسَ ما ****فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصُلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ***حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ
يا غافلاً وله في الدهرِ موعظة****إن كنت في سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ
وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ ******أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ ؟
تلك المصيبةُ أنستْ ما تقدمها*****وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
يا راكبين عتاق الخيلِ ضامرةً*****كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
وحاملين سيُوفَ الهندِ مرهفةُ*******كأنها في ظلام النقع نيرانُ
وراتعين وراء البحر في دعةٍ*******لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ******فقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ ؟
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم**قتلى وأسرى فما يهتز إنسان ؟
ماذا التقاُطع في الإسلام بينكمُ **** وأنتمْ يا عبادَ الله إخوانُ ؟
ألا نفوسٌ أبياتٌ لها هممٌ ***** أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهمُ******أحال حالهمْ جورُ وطُغيــــــانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم***واليومَ هم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ******عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ ****لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمّ وطفلٍ حيلَ بينهما****** كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت***كأنما هي ياقوتٌ ومرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً**** والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ
لمثل هذا يذوب القلبُ من كمدٍ****إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ