عرض مشاركة واحدة
قديم 10-26-2010, 02:32 PM
المشاركة 16
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (12)


موقد الجرح




صمتَ الجُّرحُ أرعبتْهُ الدِّماءُ
وطغى الخوفُ فاشهدي يا سماءُ

شبَّتِ النَّارُ فاستحالتْ رماداً
كلُّ أحلامِنا وضاعَ الرَّجاءُ

أحرقَ الدَّمعُ مُقلتَيَّ وثنَّى
بفؤادي فمات فيه الإباءُ

* * *
أيُّها الدَّمعُ يا حليفَ جفوني
واحتراقي إذا تهاوى المساءُ

يا صَبوحي في وحدتي وغَبوقي
لا تعاتبْ عينيَّ هذا افتراءُ

أرضعتني الأيامُ ثديَ الليالي
حين شحَّتْ عند الصَّباحِ ذُكاءُ

فاستبدَّ الظَّلامُ يحكمُ عُمْري
منذُ أغفى خلفَ الدُّخانِ الضِّياءُ

* * *
قلِّبيني يا أذرعَ النَّارِ رُوحاً
طهِّريني حتى يعودَ الحُداءُ

عشَّشَ الصَّمتُ في عروقي وباضتْ
حاملاتُ الرَّدى ودبَّ الفناءُ

ضعتُ في زحمةِ الحروفِ الحيارى
لُغتي صودِرتْ وضاعَ الغناءُ

كلُّ معنىً لفقتُهُ .. كلُّ حرْفٍ
كلُّ ما قلتُ في حياتي هُراءُ

أنا وهمٌ على حدودِ مُحالٍ
أينَ منِّي الشَّوامخُ الشمَّاءُ

أينَ منِّي سليقةٌ ويَراعٌ
أينَ منِّي القصيدةُ العصماءُ

أينَ منِّي النُّسورُ تحدو جناحيْ
للأعالي وأينَ ذاكَ المُضاءُ

فامنحيني يا ألسنَ النَّارِ حرفاً
واضحَ الحبرِ ليس فيه عَماءُ

كلُّ حبرٍ أهرقتُهُ ضاعَ هدْراً
كلُّ ما جاءَ في قصيديْ رِياءُ

أنجديني بمُديةٍ تتلظَّى
من عظامٍ تغمَّدتها الدِّماءُ

واكتبيني بأحرفٍ من حريرٍ
فوقَ جَفنٍ أهدابُهُ الكبرياءُ

* * *
أنا وهْجُ الحنينِ في موْقِدِ الجُّر
ح وناري لا يعتريها انطفاءُ

كلَّما جدَّ مطفئٌ باغتيالي
جدَّ في كومةٍ النُّدوبِ الهواءُ

فمتى تنهضُ الجِّراحُ وتحكي
قصةَ الدَّمعِ يومَ عمَّ البكاءُ


8/7/2000