عرض مشاركة واحدة
قديم 10-26-2010, 02:23 PM
المشاركة 15
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (11)


الحضارة وإنسان العصر



أغذُّ السيرَ يخذِلُني الطريقُ
وترعبُني الرواعدُ والبروقُ

أغذُّ السَّيرَ أبحثُ عن مكانٍ
ألوذُ به وتخدعُني الشُّقوقُ

وأدخلُ حاملاً فكراً مُضيئاً
فيطفئني ويطفئهُ النقيقُ

هناكَ ضفادعٌ تلهو بماءٍ
تخافُ الفجرَ يقتلُها الشروقُ

تعبُّ فلا يراها النَّاسُ حتَّى
إذا ما أُتخِمتْ برزتْ عروقُ

وتنقسِمُ الضَّفادعُ في احتفالٍ
فريقُ النومِ يوقظُهُ فريقُ

* * *
أنا إنسانُ هذا العصرِ أهفو
إلى كونٍ تسودُ به الحقوقُ

وينعمُ بالعدالةِ كلُّ شعبٍ
فكلُّ مواطِنٍ حرٌّ طليقُ

ألسنا من بني الإنسانِ طُرَّاً
فكيف أتى التَّملكُ والرَّقيقُ ؟

أرى سربَ الضفادعِ لا يُبالي
وبومَ العصرِ جدَّ به النَّعيقُ

* * *
وحوشُ الغابِ شِرعتُها افتراسٌ
وشُرعتُنا التآلفُ والوثوقُ

يجوعُ الطِّفلُ في الدُّنيا ويَعرى
ويُحجَبُ عن موائده الدَّقيقُ

حلوقٌ للتقيِّء فاغراتٌ
وكم من جوعِها فُتحتْ حلوقُ

فكيف أصابَ عالمَنا التردِّي
وسادَ به التَّنكُّرُ والعقوقُ

فتشريدٌ هنا وهناكَ قتْلٌ
وقصفٌ فيه يتَّصلُ الحريقُ

أرى ركْبَ الحضارةِ كلَّ يومٍ
يواكبُهُ التَّهتكُ والمُروقُ

" حواسيبٌ " يبرمجُها احتيالٌ
وعولمةٌ بها يطغى الفُسوقُ

فأيَّةُ بِدعةٍ سكبتْ صَبوحاً
وسمُّ الفتكِ تكنزه الغَبوقُ

وشمسُ الحقِّ تسبَحُ في ضُحانا
ونورُ الفجرِ عندَهُمُ غريقُ

لقد عَميَتْ بصائرُهمْ وزاغتْ
قلوبُهُمُ وغادرها البريقُ

ومن لم يلتمسْ نوراً فأولى
به نومٌ يطول ولا يفيقُ

* * *
بني الإنسانِ كوكبُكمْ صغيرٌ
وعالمكُمْ على سَعَةٍ يضيقُ

تعالَوْا نَبْنِ للإنسانِ صَرْحاً
حضاريَّاً بعالمِنا يليقُ

لنتركْ للورى إرثاً شهيَّاً
يُسيِّجُهُ من الزَّهرِ الرحيقُ


21/4/2000