عرض مشاركة واحدة
قديم 08-23-2011, 04:35 PM
المشاركة 60
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأستاذ حمود الروقي
تابع نفس المداخله:
وتقول :"العـبقـرية كالقـنبـلة إن صـحّت رؤيتي عنها ، اشتـرك في صناعتها أربعـة مصـانع !!مصـنع البيـئــة المُحفــزة ، ومصـنع الوراثــة ومصـنع الشعـور بالمسؤولية ، ومصنع الزمن المناسـب ..وهـي خلـيط ممزوج بتفــاعـل ( الذكــاء والموهبـة و الجرأة في الاقتحـام".

- ربما أن المنتج العبقري هو نتاج هذه المصانع مجتمعة فالأفكار التي تولد في عقل شخص ما لا بد أنها تتأثر بـ:
* بمجموع العوامل الوراثية : حيث يذهب كارل يونغ للقول بأن الناس تتوارث التجارب السابقة في حجرات اسماها الحجرات الوراثية archetypes ، رغم أن الوقائع تشير إلى أن الكثير من العباقرة جاءوا من عائلات غير معروفة، وليس لها سجل حافل بالعبقرية والإبداع، مما افقد النظريات التي تقول بأثر الوراثة مصداقيتها...وفي المقابل نجد أن العامل الآخر أكثر أهمية (البيئة المحفزة).

* وبخصوص البيئة المحفزة نجد أن الشخص الذي يتعرض للمآسي تصبح حظوظه في أن يتحول إلى إنسان عبقري اكبر ، إذا توفر له التعليم والرعاية حتى ولو كانت غير منظمة، فمثلا نجد أن حافظ إبراهيم (يتم الأب وألام) عمل كصبي لخدمة مكتب احد قادة الثورة المصرية، وهو في نفس الوقت مثقف وأديب وقد أتاح ذلك لحافظ إبراهيم الفرصة للوصول إلى الكثير من الكتب والتعرض للثقافة exposure ، وربما وفر له عمله قدوة حسنة أثرت جميعها في صناعته....لكن لا احد يمكنه أن يدعي بأن ذاكرة حافظ إبراهيم الفوتوغرافية والتي عرف بها وكانت تتيح له أن يحفظ كتاب كامل في دقائق كانت بسبب عوامل وراثية أو بيئية كتلك التي تأثر بها..فلا بد أن عقله كان يعمل بطاقة إضافية وهذا ما يشير إلى أن يتمه المزدوج ( الأب + وألام ) هو العامل الذي جعل ذلك الدماغ يعمل بنشاط حاد كنتيجة لتلك الدفقة الزائدة من كيمياء الدماغ والتي لا بد أنها تدفقت في دماغ حافظ إبراهيم بغزارة نتيجة لحجم وتوقيت مآسيه واثرها المهول حتى انه هرب من بيت خاله وقال في ذلك قصيدة ( ثقلت عليك معيشتي...)..ولا بد أن نفس الشيء حصل مع الأمام الشافعي، والمتنبي والذين عُرفا بامتلاك تلك القدرة الفوتوغرافية على الحفظ. ومن هنا فأن:

* الشعور بالمسؤولية: هو سمة يمتلكها شخص مأزوم لا بد انه كابد ظروفا صعبه للغاية ومع وفرة الطاقة الذهنية فأن الشعور بالمسؤولية يصبح سمة موجودة في الشخصية، فلا احد يستطيع أن يفرح وفي دماغه وفرة من كيمياء الدماغ التي تسبب الكآبة مثلا، وكذلك لا احد يستطيع أن يتحلى بشعور المسؤولية دونما يكون عقله يعمل بطاقة إضافية تجعل تلك سمة من سمات شخصيته. فالشعور بالسمولية نتجة وليست سبب.

أما بخصوص الزمن المناسب فلا شك أن التراكمات الثقافية تساهم في بروز فكرة ما في زمن ما... فمثلا لو لا نيوتن لما برز اينشتين لكننا نلاحظ بأن اينشتين فقط من بين كل من قرأ نيوتن تمكن من التوصل إلى نظرية النسبية، وفي ذلك مؤشر بأن عقل اينشتين كان يعمل بصورة استثنائية، ولا بد انه يتيم كما هو نيوتن يتيم، ويلاحظ هنا بأن يتم نيوتن كان مبكرا جدا (أي أن والده مات قبل ولادته) ثم تزوجت أمه وكان لذلك الزواج آثرا مهولا عليه حتى انه اعترف لاحقا بأنه كا يفكر في حرق امه وزجها، فكانت هذه التجربة تحديدا هي من صنع عبقريته، ولكنه كان سابقا لزمانه ايضا...كما أن كل عبقري يسبق زمانه وكثيرا من العباقرة كانوا يُقتلون أو يُرفض فكرهم لان الزمن الذي هم فيه ليس زمانهم، وغالبا ما كانوا يحصلون على التقدير بعد مرور زمن طويل احيانا كما حصل مع جاليليو ...ولذلك وجدت أن خلود الشخص وبقاءه ربما يكون المقياس الوحيد للعبقرية.

وخلاصة الحديث هنا نجد أن الشرط الأساسي للعبقرية يكمن في نشاط الدماغ كجهاز طاقة حيث تزداد احتمالية أن يصبح الإنسان عبقري كلما زاد نشاط دماغه، وفي ذلك ما يشير الى أن العوامل الأخرى، رغم أهميتها، يظل دورها ثانوي إذا ما توفرت الطاقة الذهنية الزائدة، وبما في ذلك عنصر الزمن.

وعليه فأن العبقرية ليست (خلـيط ممزوج بتفــاعـل عناصرالذكــاء والموهبـة و الجرأة في الاقتحـام)... بل إن هذه السمات هي مظاهر من مظاهر العقل العبقري ونتاج له، وهو حتما عقل يعمل بصورة استثنائية للأسباب المذكورة آنفا.

يتبع،،