الموضوع: عورة وطن
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-22-2015, 11:43 PM
المشاركة 10
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
صاح فيه غاضبا : لم نزعت عن مصلحة جبايات الوطَن راية الوطن ؟

استهل الكاتب المتن بصاح التي تحمل معان كثيرة كلها توحي بالانقلاب و تغير الإيقاع ، و تعتريها الانفعالية ، فنقول صاح الفجر بمعنى أضاء و انقلبت الظلمة نورا فنقول تنفس الفجر لكأن الوقت أصابه احتقان ، صاح عليه أي نهره و زجره وأغلظ عليه و هو المعنى القريب هنا في النص ، فصاح فيه يعني في حضوره أو في وجهه كناية عن القرب المكاني ، فلو أراد فقط أن يحدثه ما احتاج إلى الصياح و لو أراد أن يناديه لفعل همسا فقط أو إشارة أو على الأقل بكلام هادئ و لتبرير هذا الصياح فقد اختار الكاتب أن يبين حالة الصائح ناعتا إياه بالغاضب ، هذا المقطع السردي على قصره ، نحا بالنص نحو الذروة ، و قدم الحالة الوجدانية للسائل المتسمة بالتطاول و الجرأة على مخاطبه ، و كلامه الآتي ربما وضح أنهما تحدثا بهدوء قبل هذا الإنقلاب المفاجئ في نبرة السائل .
الحوار عند سقراط هو فن توليد الحقيقة ، و كل حوار يستسلزم صايغة السؤال الهادف ، السؤال الهادئ و المتزن و ليس السؤال الشركي أو المؤدلج ، و لن يكون بالضرورة سؤالا توبيخيا أو إنكاريا . لكن السائل في النص انفعل وأصابه الغضب من فعلة الماثل أمامه ، فسأله قصد التوبيخ مع استنكار فعله ، لم نزعت عن مصلحة جبايات الوطن راية الوطن؟
قد يكون التكرار مستثقلا عند البعض في جنس القصة القصيرة جدا فمثلا لو كتبت كلمة في العتبة لايجب إعادة تكرارها و هذا أسلوب المقتصدين في المفردة و كذا الذين يعتبرون التكثيف هو اختزال في النص من حيث الحجم ، لكن شخصيا أعتبر لغة الحوار كلما اقتربت من المنطوق اليومي و أنماط الصياغة المتداولة كلما كان قريبا لذوق القارئ و أعطى للنص حياة حقيقية ، بل أحيانا تكون ضرورة للتكرار و كذا التفسير في القصة القصيرة جدا كما في الأجناس السردية الأخرى ، فهنا التكرار أعطى القيمة للوطن من جهة و أوضح مبلغ الجرم المقترف للقارئ ، و من جهة أخرى بين نرفزة السائل و إصراره على إدانة مخاطبه .

يتبع

مع التحية للأستاذة فاطمة جلال و الأستاذة جليلة ماجد و كذا للأستاذ زياد القنطار .