ضجة المطر المحببة
رائحة القهوة
تحلّقنا حول جدتي بضحكات متصلة
وأحاديث مبتهجة
كل هذا كان سبب لاستدعاء الماضي
الماضي المتوقف في الصور
المبعثرة
كل منهم يفزع لصورته
يقارن بين الطفل القديم
والشاب الحديث
يتأملون الفرق في تصاميم الملابس
وتتفجر بعض اللقطات بذكريات بريئة
تجبرهم على الإنحناء شوقاً
ثم كشفت أيديهم التي سطت على السنين
النائمة ..صورة لجدي
جدي الذي لم يتعرف علينا
لم نختبئ خلفه هربا من التوبيخ
لم نشاغب في ساحة منزله
فقد غدر به حديد سيارته وأخذه ونحن علم غيب!!
تتلقفها جدتي من بين صدمتهم المندهشة
تتنهد تنهيدة مترنحة طويلة
تحدثه شوقا واحتياجا وفقدا
:كبرت يا عبدالله شخت وابيض شعري
وانحنيت
أصبح لنا أحفاد يا عبدالله
وكبر كل أبناؤنا حتى أنهم لا يحتاجون
من يعيد عليهم اللحف ليلا
ترفع عينيها المتلألأتين تراقب صمتنا المحفوف بالألم عليها
:كيف لهذه الصور أن تظهره بعد كل تلك
السنون بابتسامة قديمة
وعمر قديم وساعة قديمة
يا أبنائي لا تحتفظوا بالصور
فحين تفارقوا ساكنيها ستمتلئون بفاجعة
الفقد من جديد.