عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
720
 
ثريا نبوي
المراقب اللغوي العام
الشعراء العرب

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية التميز الألفية الأولى القسم المميز شاعر مميز المشرف المميز 
مجموع الاوسمة: 8


ثريا نبوي will become famous soon enough

    غير موجود

المشاركات
6,121

+التقييم
4.76

تاريخ التسجيل
Oct 2020

الاقامة

رقم العضوية
16283
07-05-2023, 09:35 PM
المشاركة 1
07-05-2023, 09:35 PM
المشاركة 1
افتراضي قبل أن تميدَ الأرضُ تحت أقدامِ الجميع.. د هشام الحمامي

قبل أن تميدَ الأرضُ تحت أقدامِ الجميع
د. هشام الحمامي


العرب لا يحصل لهم المُلك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجملة والسبب في ذلك أنهم لخُلُق (الخشونة) الذي فيهم أصعب الأمم انقيادا بعضهم لبعض..للغلظة والأنفة وبُعد الهمة و المنافسة في الرياسة فقلما تجتمع أهواؤهم.... فإذا كان الدين بالنبوة أو الولاية كان الوازع لهم من أنفسهم وذهب خلق الكبر والمنافسة منهم فسهل انقيادهم واجتماعهم وذلك بما يشملهم من الدين الذى يذهب الغلظة والأنفة ...الوازع عن التحاسد و التنافس.. العرب بغير الإسلام لا يساوون قُلامة ظُفْر..) فابن خلدون هنا -ومن الآخر كما يقول الشباب- لا يقول نظرية تقبل الجدل والنقاش حولها ..لكنه يقرر حقيقة نهائية ..
ستدهشون حين نعلم جميعا أن ميشيل عفلق أبا (البعث العربى الاشتراكى) له رأى يكاد يطابق هذا الرأي ..ميشيل عفلق من (المسيحيين العرب) أصحاب الأدوار الكبيرة فى تاريخهم وتاريخ أمتهم ..والتى نفتقدها الآن ونشكو من غيابها على أثر حصارهم وسجنهم فى أسوار الكنائس للمقايضة بهم على أدوار تاريخية موهومة فى المجد والعظمة.
يقول ميشيل: (الإسلام هوالذي يكوِّن أولى مقومات الشخصية العربية..الإسلام روحها وقيمها الإنسانية وأفقها الحضاري..إنه جوهر العروبة وملهم ثورتها الحديثة..ولذلك فإن من الطبيعي أن يحتل الإسلام (كثورة عربية) فكرية أخلاقية اجتماعية ذات أبعاد إنسانية - أن يحتل- مركز المحور والروح في هذا المشروع الحضاري الجديد لأمة واحدة ذات تاريخ عريق ورسالة حضارية إنسانية) ويكمل قائلا (الإسلام هوالذي أنضج عروبتنا وهو الذي أوصلها إلى الكمال وهو الذي أوصلها إلى العظمة وإلى الخلود..هو الذي جعل من القبائل العربية أمة عربية عظيمة أمة عربية حضارية فالإسلام - كان وهو الآن وسيبقى- روح العروبة وسيبقى هو قيمها الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية. هذا هو الإخلاص للشعب هذا هو حب الشعب.. هذه هي الحقيقة) حزب البعث فى سوريا والعراق ..وقت الأسد وصدام .. لم يعمل بذرَّة واحدة من هذا الكلام ..ليس ثمة إخلاص للشعب؛ فقط التجبر والتكبر والقهر والاستبداد ثم الهزيمة والانحطاط. والمدهش أن الجميع يبدؤون نفس البداية وينتهون نفس النهاية ولا عبرة ولا عظة ..
على أن العلاقة بين العرب كــ(أمة) والإسلام كـ(رسالة عالمية) تتجاوز كثيرا حدود ما يمثله الدين فى تاريخ الأمم وتطورها..والمعنى حول ذلك يتسع كثيرا لما لا ينتهى من الفهم والشروح ..لكن حقيقة الحقائق هي الحضور التام للإسلام فى- البنية العميقة والأولى - للأمة العربية .. كلام ميشيل عفلق به من المعنى أكثر مما تشير إليه العبارة فيما يتصل بالعلاقة بين الإسلام والعروبة .. وعلى أى حال معظم المفكرين القوميين كانوا متأثرين بدرجة كبيرة بقسوة الحكم العثمانى من جهة (خاصة فى المشرق) ومن جهة أخرى بين النزوع (القومى الطورانى) الذى كان آخذا فى التزايد فى هذه الفترة والذى أدى فى النهاية الى التفرق شيَعا، حيث (كل قبيلة فيها أمير مؤمنين ومنبر)..على أن مراجعة عفلق لأطروحاته القومية لهو أمر جدير بكل الاحترام والاعتبار .. وإكمالا لهذا المعنى سنجد أن ما قاله الزعيم محمد فريد عن (الخلافة العربية) فى كتابه المهم عن( الدولة العثمانية) يشير بوضوح إلى أن العروبة والإسلام (شَرطا الضرورة) فى استقرار هذه المنطقة التى تمثل قلب العالم.. لا وجه للعجب إذن فى أن الإسلاميين هُم من كانوا فى المقدمة الأولى وقت الربيع العربى وما أسفر عنه ..لكنهم لم ينتبهوا بالقدر الكافى إلى عمق الجرح - ومساحة التشوه العريضة - التى تركها حكم الفرد الفاسد وقت (الدولة الوطنية) بعد الاحتلال فى جوهر الشخصية العربية .. فكانت الرِّدة كما رأينا سريعا سريعا ..لأن الشعوب لم تكن على مستوى طلائعها الأولى فى الثورات التى قامت .. والإسلاميون لم يدركوا اللحظة حق إدراكها ..اللحظة لم تكن الاستيلاء على السلطة كما صوَّر البعض ..ولكن كانت الوصول إلى عقول الناس وقلوبهم ..ليس بالهتافات والشعارات - وهو الأمر الذي لم يفعل غيرَه جيلُ السبعينيات - ولكن بالبناء الحقيقى لمعمار( الشخصية العربية)..والعمل على (حصار) السلطة الجديدة حصارا محكما وغلق أبواب التجبر والتكبر والفساد والاستبداد ..والعمل الدؤوب على إحضار (المواطن الكامل) ليكون فى قلب المعركة ..أما وقد غاب المواطن الكامل وحضر المواطن ذو التشوهات العريضة الذي أجادت الدولة الوطنية (صناعتَه)..حيث (حماسة القطعان الراكضة وراء جلاديها)....فما يكون لأحد أن يتوقع صلاحا ولا إصلاحا ..ولا أى شيء ..فقط الغوص أكثر وأكثر فى الكوابيس المتتالية .. وستبقى هذه الحقيقة (أم الحقائق) فى الوعى بحقيقة الإصلاح ..(قوة المجتمع وحصار الدولة) ..والتعبير الأخير للعلامة الدكتور عبد الوهاب المسيرى .. ولن تقوم للمجتمع قائمة بغير (الفكرة الدينية) التى حدثنا عنها مالكُ بنُ نبىّ ليس على شاكلة ما وعدنا به جيلُ السبعينيات من وعود صاخبة ولكن؛ على استشراف جديد به ما به من قبس ابن خلدون وميشيل عفلق..ولكن (فى العمق)..حيث يكون أمان الوطن وأمنه فى: (صلاح الإنسان) ..بقيم الإسلام العظيم ومثالياته الكبرى ...حينها وحينها فقط لن يُنتج هذا الفكر السديد أمثال ناصر والقذافى، صدام والأسد وغيرهم
حضور الدين في الدولة عبر التاريخ الحضاري للأمة كان لازمًا ودائمًا، إذا ما اقتطعنا من نظرية ابن خلدون فكرة (التغلب) بالمعنى القهري، وأحللنا مكانها فكرة استدعاء الجماهير عبر( كيانات المجتمع، القوى) سنجد أن هذه النظرية - من قوة قراءتها للواقع الموضوعي والتاريخي للأمة - ليست (نظرية) فقط ولكنها (حقيقة).
تجربة محمد علي (1805م-1840م) الناهضة كانت من خلال الدولة العثمانية (الخلافة الدينية) وحين أخذت هذه التجربة في التطور تجاهلت الدين.. فانتهى بها الأمر إلى الفشل.. فشل في تجديد الدولة العثمانية من الداخل انطلاقًا من مصر كما كان يرى البعض.. ثم فشل في إتمام مشروعه الإقليمي وانتهى الحال إلى الاحتلال (1882م).
ثم جاءت حركة الضباط (يوليو 1952م) فاستندت إلى العصبية (الجيش) وتجاهلت حضور الدين ليس فقط نتيجة للصدام مع الإخوان.. (الدين أكبر من الإخوان).. ولكن استمرارًا (للغباء التاريخي) الذي بدأه محمد علي.. ومن لا يقرأ التاريخ محكوم عليه بتكراره كما يقولون.. فكرّره (أبو الهزائم حيًّا وميتًا).... سلامٌ على عُمْرٍ ضائع لم يكن غيرَ وهمٍ جميل..!
عايش ابن خلدون (1332م- 1406م) معايشة شخصية؛ فترةً أليمة في تاريخ الأمة.. فقد رأى بعينيه سقوط دولة المغرب وانهيار دولة المشرق تحت أقدام الأسبان والتتار.. كان شاهدًا مباشرًا على هذا الانهيار (وقع في أسر تيمورلنك). كان الرجل مثقلًا بالمرارة والنقمة عندما رأى العرب غارقين في نزاعاتهم الداخلية وصراعاتهم العميقة، وانعكس ذلك على آرائه التي تميزت بقدر كبير من الحدة تجاه العرب وطباعهم... لكنه هو نفسه كان به ما به من حظوظ النفس فى (طلب المعالى)..وسيقدم لنا فى مسلكه الشخصى نموذجا سيئا لعلاقة المثقف بالسلطة ..(حين يتغلب حظ النفس على حظ الحق) فى النفس الإنسانية التى لم تهتدِ بنور الله .. وقبل أن تتهمنى بالدروشة؛ اقرأ وتأمل قول الحق تبارك وتعالى (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ).. نور يمشى به فى الناس ..ليس جالسا به فى (التكايا والزوايا) .. وأيضا ليس لاهثا به فى (المواضعات السياسية) الموهومة ..
ومها تكن عند امرئٍ من خليقةٍ **وإن خالها تَخْفَى على الناسِ تُعلمِ


منقول بقليل تصرف


مدونتي على الجوجل
http://thorayanabawi266.blogspot.com/