عرض مشاركة واحدة
قديم 12-01-2013, 03:05 PM
المشاركة 16
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نظرية التعلم البنائية

بكون بياجي مؤسسا للمشروع السيكولوجي حول بنيات و تكوين و سيرورات تطور الذكاء البشري ، ومراحل تكوين المعرفة عند الإنسان ، فهو أيضا اهتم بشكل كبير بقضايا التربية والتعلم حيث أقام أسسا علمية لسيكولوجية تربوية تعليمية ، يصعب الفصل بين المنظور التكويني النمائي لسيكولوجية بياجي و بين نظريته في التعلم ، لأن التعلم جزء من السيرورة التطورية النمائية للطفل ، و لأنه محكوم بالمرحلية السيكوـ زمنية لنمو قدرات الطفل و أجهزته السيكو معرفية .
رغم ذلك فالدارسون يميزون بين مقارباته للموضوعين ، إذ يقول دونالدسون أن التعلم بالنسبة لبياجي ليس مرادفا للتطور النمائي ، فإذا كان النمو هو انبناء وتشكل قدرات الطفل على التكيف ، فالتعلم هو نشاطات فعل الذات على موضوع أو ظاهرة بهدف الانتقال إلى استدماجه في الإواليات الوظيفية المعرفية لهذه الذات .

هنا في هذا العنوان سأحاول إلقاء الضوء على نظرية بياجي التكوينية " البنائية " حول التعلم وسأترك مقاربته و مقاربة التحليل النفسي حول النمو في عنوان خاص بالنمو سواء "المعرفي" عند بياجي أو "الوجداني" عند فرويد .

فالتعلم عند بياجي يختلف عن المدرستين السلوكية والجشطلتية فهو مرتبط أساسا بعمليات الاستيعاب و التلاؤم التي تباشر بها الذات اشتغالها على العالم الخارجي باتجاه خلق التوازن إن التعلم عند بياجي هو سيرورة وعي بنائية بين الذات و موضوع التعلم بغية خلق النسقية التكيفية الإيجابية المقترنة بتحقيق التوازن والحد من حالات التشويش والاضطراب التي تعيق التفاعل الإيجابي مع الواقع .

مفاهيم في المدرسة البنائية

التكيف : هو غاية التطور النمائي ، و كل التفاعلات المعرفية بين الذات و الواقع ، والتعلم هو تكيف العضوية مع معطيات وخصائص المحيط المادي والاجتماعي .
الاستيعاب : عملية استدماج المعارف والمعلومات ضمن أنسجة جهاز العضوية المعرفي لتصبح معطيات مألوفة ، لا تسبب التشويش و الاضطراب .
التلاؤم : يقصد به صيغ التبني والاستدماج الرامية إلى مطابقة مواقف وسلوكات الذات مع الموقف الجديد ، فالتلاؤم هو تغيير استجابات الذات بعد استيعابها لمعطيات الموقف ، باتجاه التوازن .
التوازن : هي وضعية التناغم و الانسجام التفاعلي مع الوسط ، فالذات تتبنى بعض صيغ التنظيم والضبط باتجاه تجاوز حالة الاضطراب والتشويش بغية الحصول على التوازن و غايته الوصول إلى التكيف .
السيرورات الإجرائية المعرفة عند بياجي لا تكتسب كاملة جاهزة من الخارج ، كما أنها ليست نسخا للواقع ، و لا علاقة لها مع الموروث الفطري ، إنها تتأسس على قاعدة العمليلات الإجرائية أي النشاط العملي ، فكل درجات التطور و التجريد في المعرفة و كل أشكال التكيف تنمو في تلازم جدلي و تبنى بالتعلم . فالمعرفة شيء ينبغي بناؤه.
مفهوم التمثل والوظيفة الرمزية التمثل هي الخريطة التي يبنيها الفكر عن عالم الناس والطبيعة و الأشياء . إنه بناء للواقع على مستوى أجهزة الذات المعرفية . ويبنى التمثل بواسطة أدوات الوظيفة الرمزية كاللغة .
خطاطات الفعل إن كل أشكال التعلم العليا و المجردة عند الإنسان ترتد بشكل أو بآخر إلى مرجعية خطاطات الفعل ، كإيواليات حاسمة في التفاعل بين الذات و الموضوع ، فالخطاطة هي نموذج سلوك يمكن استعماله قصديا ، و تشكل أجزاء الفعل بتناسق مع خطاطات أخرى ، ثم أنساق جزئية لسلوك معقد يسمى خطاطة كلية . فخطاطة الفعل تشكل ذكاء عمليا هاما ، ومن مميزات هذه الخطاطات أنها قابلة للتكرار والتعميم .

مبادئ التعلم في البنائية

التعلم لا ينفصل عن عن التطور النمائي : التعلم لا يتوقف على اكتساب مفاهيم أكثر بساطة تكون في مجموعها المفهوم الأكثر صعوبة ، بل يتطلب شيئا من التنظيم الداخلي تجاه العمليلات العقلية المشتغلة على الواقع و مواضيعه ، مما يستدعي تطور القدرات العقلية و العصبية المرتبطة أساسا بالنمو .
التعلم يقترن باشتغال الذات على الموضوع و ليس باقتناء معارف منه التعلم ليس هو الربط بين موضوع ما و بين الخصائص و المعلومات المرتبطة به بشكل ميكانيكي ، كما أنه لا يتم بالجمع الآلي للمكونات الجزئية لمفهوم فزيائي أو رياضي ، بل يرتبط بالتفاعل بين الذات والموضوع ، فالطفل يصطدم مع الموقف و يشعر بعدم تكيفه معه ، فيلجأ إلى البحث عن إجراءات الحل المطلوب اكتشافها و اختراعها ، فالإجراء الجديد بنبثق من تفكير المتعلم .
الاستدلال شرط لبناء المفهوم : إن الطفل يأتي المدرسة مزودا بالحد الأدنى من المعلومات والقدرات و الإجراءات السيكو معرفية الخاصة ، و المحكومة بسنه النمائي ، فالمفهوم يبنى على أساس استنتاجات استدلالية تستمد مادتها من خطاطات الفعل .
الخطأ شرط التعلم : إن اشتغال الطفل على المعرفة هو أساسا احتمالات إيجاد الإجراء الإيجابي فهو يمارس سلسلة من من الاختبارات لاكتشاف الوضعية والحل . إن الخطأ صيغة استدلالية من صيغ التعلم ، إذ يقتضي السؤال عن سبب الوقوع في الخطإ المؤدي بدوره إلى الاستدلال كشرط لإبعاد الخطأ .
الفهم شرط للتعلم : يختلف بياجي مع البيداغوجيا الكلاسيكية التي تجعل المعلم من يبني السؤال و إجراءات الإجابة ، ومع السلوكية التي ترى بناء الأسئلة كمثيرات للتعلم ، ويختلف مع توليدية سقراط ، التي توجه المتعلم نحو الإجابة الصحيحة ، و يرى بناء المتعلم لأسئلته هو شكل من أشكال الفهم ، إنه تمثل لها ، و تمثل للإجابة في عمق البنية المعرفية للسؤال ، إن السؤال الذي يبنيه التلميذ هو سيرورة تمثل وفهم .
التعليم يقترن بالتجربة وليس بالتلقين إن كل تجربة يعيشها الطفل تستلزم هيكلة الواقع ، إي إعمال لميكانيزمات الاستيعاب ، التي هي من صميم نشاطات الذات ، والتلقين لا يأخذ بعين الاعتبار أن المعطيات يجب استدماجها ، و التعلم لا يستوجب الاستيعاب . و التعلم الحقيقي لا يتم إلا عنطريق تجارب النشاط الطفلي الداخلي و كل استيعاب هو هيكة واكتشاف للواقع .
التعلم تحقيق للتوازن إن تحقيق التوازن يقتضي تجاوز المتعلم لكل احتمالات حالات التشويش في أبنيته المعرفية ، فالطفل غالبا ما يتوفرعلى على معرفة ما عن وضع أو ظاهرة ، وهي تكون خاطئة أو سطحية ، كما أن إجراءاته التعديلية تكون التشكل و التطور . لهذا يرى بياجي أن الخطأ يؤدي بالمتعلم إلى تعديل قواعده المعرفية .

انتهى هذا العنوان أي نظريات التعلم ،
الذي ركزت فيه على مرجعين أساسيين و هما:

القيم والمواقف " سلسلة علوم التربية " العدد الثامن .
سلسلة التكوين التربوي العدد الثاني .