عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
7267
 
عمر مسلط
من آل منابر ثقافية

عمر مسلط is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
614

+التقييم
0.10

تاريخ التسجيل
Sep 2007

الاقامة
الأردن

رقم العضوية
3984
09-14-2011, 01:38 PM
المشاركة 1
09-14-2011, 01:38 PM
المشاركة 1
افتراضي توظيف عناصر الطبيعة في نص (ذاكرة الشتاء) لعمر مسلط
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ذاكِرة الشِتاء

غيومٌ تملأ السماء ، الضباب بدأ يتكاثر ، أمطار خفيفة بدأت تتساقط ، نَظرت إلى ساعتها ، إنتهى
وقت العمل ، إنتابها شيءٌ من القلق ، تناولت حقيبتها السوداء ، وضَعت وشاحها الخمري على كتفيها
أغلقت باب المكتب ، نزلت إلى الشارع ، وقفت على حافة الرصيف ، أخذت تُراقب الناس المُسرعين
تحت المطر ، لَمَحت الحافلة تقترب ، صَعدت إليها ، المطر يزداد غزارة ، جلست بجانب النافذة
أخذها خيالها بعيداً ، ذكريات الشتاء لم تزل تُؤلمها ، صوت المطر المُرتطم بالنافذة يَعزف على جِراحها ،
تأخذها الأحلام بعيداً ، يوقظها فجأةً صوتُ رسالة إلى هاتفها الجوال ، صوت الرعد بدا مُخيفاً ،
ترتبك قليلاً ... تفتح الرسالة ... تقرأُها ... تُغلق هاتفها ... تتأمل الشجر الواقف وحيداً تحت المطر ...
تَبتَسم .... تضع رأسها على النافذة ، وتَشعُر بِرَغبةٍ في البكاء ...


***************

توظيف عناصر الطبيعة في نص (ذاكرة الشتاء) لعمر مسلط

نقد وتحليل / الأديب والناقد د. فيصل عبد الوهاب حيدر

يبدأ النص بالعنوان حيث يؤنسن الكاتب الشتاء ، فالشتاء له ذاكرة كالإنسان. وقد أحسن الكاتب في رسم خلفية الحدث من حيث الزمان والمكان. فالزمان هو فصل الشتاء الذي يرمز عموما للموت أو برودة العواطف مما يتناقض والعواطف المتأججة التي تعتمل في نفس المرأة ولكن الكاتب يجعل الحدث غامضا إلى درجة ما ، بحيث يمكننا أن نستنتج أن برودة العواطف هنا ربما تشير إلى الطرف الآخrر الذي اتصل بهذه المرأة. أما المكان فهو الطبيعة المتحركة والتي وظفها القاص بما يتوافق مع حركة البعد النفسي للشخصية ، حيث تبدأ الغيوم بالتكاثر والضباب يتكاثف بشكل يشير إلى تكاثف الهموم لدى الشخصية ويبدأ المطر يتساقط بشكل خفيف حين تبدأ المرأة بالتفكير بمشاكلها بعد أن تكمل مشوار العمل الذي شغلها مؤقتا عن هذا التفكير. ويتكاثف سقوط المطر بعد رؤية الناس والزحام وصعودها إلى الحافلة التي تتحرك بها لتنطوي إلى ذاتها حيث يتصاعد حزنها مع تصاعد غزارة المطر . فالحدث هنا كالأعمال الدرامية الكبيرة يتصاعد متناغما مع صعود الشخصية إلى الحافلة مصحوبا بتصاعد كثافة المطر أيضا. وإلى هذه اللحظة لا نعرف عن الحدث شيئا لولا الإيحاءات والإشارات التي قدمها القاص في بداية النص ومنتصفه . فالحقيبة السوداء ترمز للحزن أو الحداد والمطر المتصاعد يدق على نافذة الحافلة ليعزف لحنه الحزين ويذكر المرأة بجراحها وآلامها. فالقارئ هنا لا يفهم ماهية الحدث ولكنه يحس به وهنا تكمن براعة القاص حيث الغموض الذي يلف الحدث ليعمم هذا الحدث وليترك الفرصة للقارئ كي يتخيله وفق ما تقتضي مخيلته. ويصل الحدث الغامض إلى ذروته في الرسالة التي تصل المرأة عبر هاتفها الجوال لتزيد الحدث غموضا ، ولكننا نفهم من صوت الرعد المخيف الذي تزامن مع وصول الرسالة أن مضمون هذه الرسالة قد فاقم من حزن المرأة وهنا يصل الحدث إلى ذروته . ولا يترك لنا القاص الفرصة لإدراك حركة الحدث النازلة سوى أنه يلمح لنا من خلال بعض عناصر الطبيعة أن الشخصية قد تركت لوحدها كالشجر الواقف وحيدا تحت المطر. وقد أجاد القاص بوصفه هذا حيث يمكننا أن نفهم من هذا الرمز(الشجر) لغة الصمود بكونه (واقفا) أمام العواصف والرعود والمطر. وهو يوازن الحركة النفسية للمرأة التي بقيت صامدة رغم المشاكل ولم يبد منها سوى الرغبة في البكاء التي اعترتها في نهاية النص. إن بكاء الطبيعة في الخارج وتعاطفها مع المرأة قد لاقى استجابة من المرأة نفسها برغبتها في البكاء ولكنها لم تبك لتشعرنا بقدرتها على الصمود لا بل إنها ابتسمت بداية للدلالة على هذه القدرة.ومن الرموز المهمة الأخرى رمز( النافذة) الذي يوحي بأن المرأة ربما ظلت تنتظر فارسها الذي لا يأتي وتخلى عنها أو ربما فارسا آخر يأتي ليخلصها من محنتها. أما (الحافلة) فإنها ترمز للحياة نفسها وقد تصور الكاتب الحياة رحلة قصيرة وحسنا فعل حين لم ينه القصة بتوقف الحافلة ولكنه أنهاها والحافلة ما زالت تسير في طريقها ويرمز بذلك أن المرأة ما زالت تحث بسيرها وتواصل رحلتها الحياتية رغم الآلام التي تعتريها ورغم المطبات والصعاب
ما يميز هذا النص المكثف هو اللغة الموحية وازدحامه بالرموز حيث أخذ معظمها من الطبيعة وتم توظيفها بدقة متناهية لتعبر عن الحدث الغامض. وغموض الحدث هنا يتناسب كثيرا مع طبيعة فن القصة القصيرة جدا الذي يقترب كثيرا من الشعر. وقد عمق الكاتب الخاصية الشعرية في النص إلى درجة يذكرنا بالشاعر الأمريكي روبرت فروست الذي عرف شعره بالرمزية الطبيعية حيث يستقي معظم رموزه من الطبيعة ويوظفها في العلاقات الإنسانية.
إن السمفونية التي عزفتها الطبيعة في هذا النص قد كشفت لنا الدواخل النفسية للشخصية وذلك بفضل التوظيف البارع الذي قام به القاص لعناصرها في النص.

**********

الأديب والناقد فيصل عبد الوهاب حيدر من مواليد محافظة صلاح الدين \ سنة 1955
- حصل على بكالوريوس في اللغة الانكليزية من كلية التربية \ جامعة تكريت 1997.
- حصل على الماجستير في الأدب الانكليزي من جامعة تكريت سنة 2003.
- حصل على بكالوريوس قانون من كلية القانون \ جامعة بغداد 2006.

له العديد من الكتابات في القصة والنقد والترجمة
- يعمل الآن مدرساً في جامعة تكريت \ كلية التربية للبنات \ قسم اللغة الانكليزية.

- له ديوان شعري مطبوع يضم أشعاره وترجمات شعرية لعدد من القصائد الانكليزية بعنوان ( وهج القصائد) 2002

- له مجموعتان قصصيتان مطبوعتان: (الدفء) 1999 و (نحو القمة) 2001.

- له كتاب مقالات في النقد الأدبي ومقالات عامة بعنوان (في الأفق القريب) 2002.

وحاصل على جائزة القدس لسنة 2000 الصادرة عن الاتحاد العام للكتاب العرب .


له كتاب مطبوع في اللغة الانكليزية بعنوان:

The Omniscient Narration in Edwin Arlington Robinson's Poetry







سَيدَتي ... أجمَلُ الوَرد .. هُو الذي تُغطيه الأوراق !