الموضوع: كشكول منابر
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-01-2019, 10:09 PM
المشاركة 2326
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مليون رد - كشكول منابر
قال عز وجل : ﴿ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنوْنٌ * إِلا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَليْمٍ ﴾ [ الشعراء : 88-89 ].
فلا القول ينفع ، ولا العمل يشفع ، بل سلامة القلب هي أصل كل نجاة ؛ كما أن فساده أصل كل بلية ، لكن ما هو القلب السليم؟!
والجواب : هو القلب الذي سلم من كل شيء إلا من عبوديته لربه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فالقلب السليم المحمود هو الذي يريد الخير لا الشر ، وكمال ذلك بأن يعرف الخير والشر ؛ فأما من لا يعرف الشر فذاك نقص فيه لا يُمدح به " .
وتأمل كيف جعل الله المال والبنون بمعنى الغنى ، كأن المعنى : يوم لا ينفع أحد غناه إلا غنى من أتى الله بقلب سليم ؛ لأن غنى الرجل الحقيقي هو في دينه بسلامة قلبه كما أن غناه فى دنياه بماله وولده ، وعلى هذا يكون من معاني القلب السليم أي من فتنة المال والبنين.
لكن تلميذا نجيبا من تلامذة ابن تيمية أفاض في شرح معنى القلب السليم ؛ يبغي بذلك إزالة أي لبس أو غموض حتى يسهل الوصول إلى المراد ، فقال الإمام ابن القيِّم [ ت : 751 ] :
" والقلب السليم هو الذى سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر وحب الدنيا والرياسة ، فسلم من كل آفة تبعده من الله ، وسلم من كل شبهة تعارض خبره ، ومن كل شهوة تعارض أمره ، وسلم من كل إرادة تزاحم مراده ، وسلم من كل قاطع يقطعه عن الله ، فهذا القلب السليم فى جنة معجلة فى الدنيا ، وفى جنة فى البرزخ ، وفى جنة يوم المعاد ، ولا يتم له سلامته مطلقا حتى يسلم من خمسة أشياء : من شرك يناقض التوحيد ، وبدعة تخالف السنة ، وشهوة تخالف الأمر ، وغفلة تناقض الذكر ، وهوى يناقض التجريد والاخلاص ، وهذه الخمسة حجب عن الله " .
وفي آية سورة ق :
﴿ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ﴾ [ ق : 32-33 ].
وتأمل قوله تعالى في الشعراء : ﴿ أَتَى ﴾ ، وفي ق : ﴿ جَاءَ ﴾ ، وكأن المعنى الذي يريد أن يوصله لك ربك : ائتني بقلب سليم وجئني بقلب منيب تنجُ من عذابي وتنل رضائي ، فأنت يا أخي وحدك الذي تملك أن تأتي بهذا القلب وليس أحد غيرك.
وفي المقابل قد يدخل عبد النار بسبب قلب كما قال تعالى :
﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا ﴾ [ الأعراف : 179 ].
بل إن حال العبد في قبره ما هو إلا انعكاس لحال قلبه في الدنيا كما قرَّر ذلك ابن القيم وهو يزيدنا في كتابه زاد المعاد :
" فحال العبد في القبر كحال القلب في الصدر نعيما وعذابا وسجنا وانطلاقا "
.