عرض مشاركة واحدة
قديم 02-02-2012, 12:07 AM
المشاركة 224
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
مآسي " تلك الأيّام " في حدوتة فتحي غانم
2012-01-31

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة عبد السادة جبار*

من الصعب أن يفلح مخرج سينمائي -حتى لو كان متمرساً- في تجسيد أحداث رواية بما يجعل فن القص بالضوء مقنعاً بالمستوى المؤثر لغوياً نفسه الذي تحدثه الكتابة، إلا أن المجازفة التي أقدم عليها "أحمد غانم" في تطويع رواية "تلك الأيام" لوالده الكاتب الراحل "فتحي غانم" كانت موفقة إلى حد كبير على الرغم من أنها تجربته الأولى في الإخـراج مشتركاً أيضا فـي كتابة السـيناريو مـع الكاتبة "علا عز الدين".
القص السينمائي
الحديث عن نجاح تلك التجربة الأولى لا يعني القدرة على تجسيد حكاية أو (حدوتة) تقليدية من الحكايات الاجتماعية، بل هو الظفر بخطوط الرواية الأساسية والغوص في سايكلوجيا شخصيات تراكمت في أعماقها مركبات متناقضة من إفرازات تلك الأيام الممتدة إلى الآن والمملوءة بالاضطهاد والتغييب والوصولية والضياع، وقد بلغ من صدقها حد إلغاء فكرة البطل الايجابي في الأفلام العربية التقليدية. فالشخصيات معذبة بماضيها ومشتتة بحاضرها مسلوبة الإرادة ومتناقضة، مدفوعة إلى أهداف تطمح لها على الرغم من أنها تسلبها حريتها.. سالم عبيد "محمود حميدة" أستاذ جامعي وكاتب سياسي مرموق وهو من منحدر فلاحي يرتبط بعلاقات خفية ومشبوهة يطمح للوصول إلى مناصب سياسية أعلى، وهو مصاب بعقد عاطفية واجتماعية يغلفها بحرصه على الاحتفاظ بعلاقات ثقافية وفكرية متوازية مع العقلية الليبرالية، ولا يتخلى عن نشاطه في الكتابة، ولهذا يستعين بضابط سابق علي النجار "أحمد الفيشاوي" من اجل أن يقدم له معلومات عن تجربته السابقة التي قضاها بوجوده في الشرطة وتعامله مع الخلايا الإرهابية، ليؤلف كتاباً عن الإرهاب، إلا إن "علي" يعذبه ذلك الماضي المملوء بالدماء والقتل والضحايا من أصدقائه ومن الأبرياء وذويهم، لذا يعتذر عن مساعدة سالم عبيد لإكمال المهمة. لكن "علي" يقع تحت تأثير زوجة سالم الوجه الجديد "ليلى سامي" إذ تستنجد به لإنقاذها من زوجها الذي يشعرها كلعبة مشتراة لقاء رفاهية زائفة قوامها المال والعلاقات الوصولية، ولم يكن اختياره لها كزوجة مبنياً على الحب بل تعويضاً عن حرمان عاطفي ورغبة في الامتلاك، ويتعاطف معها لكن الزوج يقنعه عبر أدلة الموبايل إنها مهووسة بتكوين علاقات غير مشروعة لإصابتها بأمراض نفسية، وتصبح الأدلة قاطعة لديه تدفع بعلي إلى أن يواجهها بغضب وتقريع يدفعها إلى أن تكشف حقائق بأدلة أكثر صدقاً تقلب الأمور رأساً على عقب، إذ تكشف له عن أن العلاقات الهاتفية وسلوكها النفسي كان كذباً سعى زوجها نفسه إلى فبركته بدقة انطلت حتى على عائلتها، وهكذا ينهار هذا الصنم أمام "علي" ليتحطم إلى مكوناته الأصلية من انتهازية ووصولية واستغلال ومركبات النقص و أمراض نفسية.