عرض مشاركة واحدة
قديم 08-20-2010, 02:59 PM
المشاركة 7
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
و فيما أنا ماضية طريقي
توقفت على سفح جبل بتول ، أو ربما خيل لي أنه جبل بتول لم تطأه قدما إنسان غيري ، لكنني بعد جولة قصيرة أكتشفت أنه ليس كذلك فقط رأيت بئرا مستديرا و عليه دلو خشبي معلق برشاء مما يشي بوجود إنساني في هذه البقعة
و عندما أوغلت في عمق كهف قادتني له قدماي في محاولة لقص أثر ذلك الوجود الإنساني وجدت شيخا كبيرا مهيبا طاعنا في السن بلحية بيضاء تزيده وقارا حتى أنك لتحسبه تلك الروح البيضاء التي يحكون عنها في شطحات المتصوفة
دعاني لأمكث معه قليلا ففعلت. و فيما هو يحدثني ظهرت من عمق الكهف امراة شابة تحمل طفلا رضيعا ، ذهلت لجمالها الذي رغم مظاهر البؤس و الفقر و رغم إقامتهم في أرض قفر يباب لا زرع فيها و لا ضرع يأبى جمالها إلا أن يعلن عن وجوده
بشكل صارخ و أخاذ
حدثني ذلك الشيخ المهيب لماذا ترك المدينة و أتى ليعيش في قفره هنا
كان من المتصوفة و قد واتته الرؤيا بضرورة تركه لمدينته و الاقامة في مكان ناءٍ
اكتشف هنا عالم الماوراء و توغل في الميتافيزيقيا ، عرف الله بحق فلم يعد إيمانه عبارة عن فرائض يؤديها البدن و لا تعيها الروح و لا تقر في القلب
في تلك البقعة اكتشف كم يثير البشر من صخب و فوضى و يقتلون مساحات الروح بتقاتلهم على الماديات متناسين خصب الروح و ثرائها
أقمت معهم في هذا القفر لأني كنت محتاجة أن أفكر فيك بتجرد ، أهرب من صخب مدينتنا ، أهرب منك بنسيان أريده أن يلف ذاكرتي فيما يختص بك،اكتشفت أنك النور اللازم لحياتي ، عرفت أنني مهما حاولت لن أستطيع أن أهرب منك لأنك قدري و ساعاتي
حملت متاعي القليل و ودعت الشيخ و زوجته و عدت أدراجي إليك لأخبرك بقراري الأخير ...
كنت هنا مع عاشور الناجي في رواية نجيب محفوظ الأجمل " الحرافيش" ‏02:25 م ‏26/‏10/‏2007