الموضوع: في ظلال القرآن
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-11-2020, 11:43 PM
المشاركة 66
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: في ظلال القرآن
كما هم في حقيقة الأمر وفق ما بدا من صفاتهم ومواقفهم في جميع العصور!
ويعاود تخويفهم باليوم الذي يخاف ، حيث لا تجزي نفس عن نفس شيئا ، ولا يقبل منها شفاعة ، ولا يؤخذ منها فدية ، ولا يجدون من ينصرهم ويعصمهم من العذاب .
ويستحضر أمام خيالهم مشهد نجاتهم من فرعون وملئه كأنه حاضر . ومشهد النعم الأخرى التي ظلت تتوالى عليهم من تظليل الغمام إلى المن والسلوى إلى تفجير الصخر بالماء . . ثم يذكرهم بما كان منهم بعد ذلك من انحرافات متوالية ، ما يكاد يردهم عن واحدة منها حتى يعودوا إلى أخرى ، وما يكاد يعفو عنهم من معصية حتى يقعوا في خطيئة ، وما يكادون ينجون من عثرة حتى يقعوا في حفرة . . ونفوسهم هي هي في التوائها وعنادها وإصرارها على الالتواء والعناد ، كما أنها هي هي في ضعفها عن حمل التكاليف ، ونكولها عن الأمانة ، ونكثها للعهد ، ونقضها للمواثيق مع ربها ومع نبيها . . حتى لتبلغ أن تقتل أنبياءها بغير الحق ، وتكفر بآيات ربها ، وتعبد العجل وتجدف في حق الله فترفض الإيمان لنبيها حتى ترى الله جهرة؛ وتخالف عما أوصاها به الله وهي تدخل القرية فتفعل وتقول غير ما أمرت به؛ وتعتدي في السبت ، وتنسى ميثاق الطور ، وتماحل وتجادل في ذبح البقرة التي أمر الله بذبحها لحكمة خاصة . . .
وهذا كله مع الإدعاء العريض بأنها هي وحدها المهتدية؛ وأن الله لا يرضى إلا عنها ، وأن جميع الأديان باطلة وجميع الأمم ضالة عداها! مما يبطله القرآن في هذه الجولة ، ويقرر أن كل من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا من جميع الملل ، فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون . .
هذه الحملة - سواء ما ورد منها في هذا الدرس وما يلي منها في سياق السورة - كانت ضرورية أولا وقبل كل شيء لتحطيم دعاوى يهود ، وكشف كيدها ، وبيان حقيقتها وحقيقة دوافعها في الدس للإسلام والمسلمين . كما كانت ضرورية لتفتيح عيون المسلمين وقلوبهم لهذه الدسائس والمكايد التي توجه إلى مجتمعهم الجديد ، وإلى الأصول التي يقوم عليها؛ كما توجه إلى وحدة الصف المسلم لخلخلته وإشاعة الفتنة فيه .