الموضوع: كتابُ الأغاني
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
10

المشاهدات
6188
 
عمر ابو غريبة
شاعر وأديب أردني

عمر ابو غريبة is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
468

+التقييم
0.09

تاريخ التسجيل
Jun 2010

الاقامة

رقم العضوية
9422
05-25-2014, 08:03 PM
المشاركة 1
05-25-2014, 08:03 PM
المشاركة 1
افتراضي كتابُ الأغاني
كتابُ الأغاني




أَعدُّ لكِ الأيامَ يا ليلةَ القدْرِ=ويحفزُني شوقي على قلّةِ الصبرِ
جهدتُ قيامًا عند عشرٍ أواخرٍ=ولُذتُ بمحرابي إلى مطلَعِ الفجرِ
وقبلَ بُزوغِ الفجرِ واليأسُ مُطرِقٌ=تجلّى ملاكٌ ناصعُ اللونِ والطُّهرِ:
أنا قَدْرئيلٌ فَادعُ ما شئتَ يُستَجبْ=ولو جَلَّ ما تدعو عن الوصفِ والحصرِ
تلعثمتُ مما قد عرانيَ دهشةً=فما أهتدي والنورُ عندي ولا أدري
نسيتُ بياني والملاكُ يحُثُّني= على وقعِ لحنٍ في سكونِ الدجى يسري
فصحتُ:أغِثني يا سليمانُ إنني=أرى الأمرَ قد أودى إلى قمةِ الكفرِ
يشدُّ تلابيبي ويصرخُ مُحْنَقًا:=أتدعو نبيَّ اللهِ يا أوقحَ الزُّعرِ؟!
وما دعوتي يا سيدي لابنِ مُرسَلٍ=وما حاجتي في عالِمٍ منطقَ الطيرِ؟
ولكنني في ابنِ الخلائفِ طامعٌ=نَمى لمنافٍ وارتقى لبني فِهرِ
إليَّ بابنِ الأكرمينَ أميةٍ=فنعم ملوكُ العُربِ في تالدِ العصرِ
وكيف تعودُ القهقرى أُمّةٌ خلتْ=ونحن على وشْكِ القيامةِ والحشرِ؟
وهَبْهُ أتاك اليومَ حيًّا فمَن له=بمملكةٍ في الأرضِ يا باردَ الفكرِ؟
إذًا حسبُهُ الآنَ الشآمُ دويلةً=وأطلقْ يديه حاكمًا ثَمِّ في مصرِ
فما قَرَّ فيها الحُكمُ بعدُ،وإنهُ=سليلُ غطاريفٍ وأَولى مِن الغيرِ
وهل يرتضي مَن كان في مثلِ مُلكِهِ=بدكّانةٍ زوراءَ في شارعٍ مُزرِ؟
وإنْ رغبَ السلطانُ صيفًا بِ"رَملةٍ"=فمَن ذا الذي يُنبيهِ قاصمةَ الظهرِ؟
مدينتُه صارت مطارًا معاديًا=وغَطّى مع"اللدِّ" اسمَها باسمِه العِبري
أغثني بمن لا حلَّ إلا برأيِه=فهلاّ نفختَ الروحَ في رِمّةِ القبرِ؟...
أنا الملِكُ الأسنى إمامًا متوَّجًا=فمَن ذا دعاني قبل داعيةِ النشرِ؟
***=***
ثنى عِطفَه نحوي ونادتْهُ أزمانُ=وأقبلَ من خلفِ القرونِ سليمانُ
كأنّ الردى ما مسَّ فاهُ بكأسِهِ=ولا لفَّعتْ جسمَ الخليفةِ أكفانُ
سلوهُ ألا كم قد لبثتَ فربما=يُجيبُ:كرى ليلٍ وها أنا يقظانُ
تمطّى من الخدْرِ الثقيلِ مزمجِرًا=فما اعتادَ إطلاقَ الجوارحِ جثمانُ
يُباغتُه ضوءُ الحياةِ فيتقي=بكُمٍّ كما يزورُّ في الصحوِ وسنانُ
تقدَّمَ نحوي والسؤالُ يشدُّهُ=فُضولاً:لِمَ استدعيتَني أيها "المانُ"؟!
أظنُّك يا "قدْرالُ" أخطأتَ بُغيتي=أهذا شلومو أَم مُرادي سليمانُ!
لعلك جاورتَ الفِرنجَ ببرزخٍ=فبِتَّ تُحاكي ما يقولُ الأمِركانُ!
دعوتُ أميرَ المؤمنينَ لمُعضِلٍ=وأمرٍ جليلٍ في الرزايا له شانُ
فيا سيدي أنّى تلفتَّ حولَنا=أمامَك أقحابٌ وخلفَك خِصيانُ
ترنّحَ في وسطِ الجموعِ وكلُّهم=بلا طربٍ لكنْ سُكارى وسَكرانُ
يُغنّي ببنطالٍ يُرجرجُ رِدفَهُ=فسِيانِ إنْ يلبسْهُ أو هو عريانُ
ووجهٌ من الحَفِّ الدقيقِ مورَّدٌ=وزيدتْ عليه من مساحيقَ أطنانُ
وأُقسِمُ لو أني بصقتُ بوجهِهِ=تزحلقَ بصقي فوقَهُ وهْو عجلانُ
ايُعقلُ هذا يا رجالُ؛مخنّثٌ=ولكنهُ عند الجماهيرِ فنّانُ!
وغانيةٍ تَثني قوامًا مكبَّلاً=بضِيقٍ كما ينسابُ في الرملِ ثعبانُ
تغنّي ففيمَ الرقصُ والقصفُ ماجنًا= وما حسُنتْ صوتًا بلِ الجسمُ إحسانُ
تفِحُّ بصوتٍ للنشازِ مرادفٍ=وما هَمَّهم صوتٌ إذا الجسمُ ريّانُ
مُصنَّعةٌ لا شيءَ فيها مؤصَّلٌ=فنفخٌ وشفطٌ والسليكونُ ألوانُ
ولو أنهم ضِمْنَ المواخيرِ أفحشوا=ولكنهم ضِمنَ المساكنِ مُجّانُ
أطلّوا من التلفازِ في كلِّ مَسكَنٍ=كأنهمُ في الوُقْحِ والقُبحِ غِربانُ
فكيف استتارُ المرءِ في بيتِهِ وهم=لهم بين ظَهرانِيهِ في البيتِ أغصانُ
ولو تُرِكوا هانوا ولكنهم لهم=هنا من بني الإعلامِ والحكمِ أعوانُ
لقد بلغوا منا بأهونِ حيلةٍ=هوانًا كَبا عنه عدوٌّ وشيطانُ
تعجَّب من شكوايَ تلك سليمانُ=وهاجتْهُ من شجوِ الشكايةِ أشجانُ
وكيف يُطيقُ العيشَ حُرٌّ بحالِكم؟=وهل عربٌ أنتم أمِ القومُ رومانُ؟
بأمرِ أميرِ المؤمنينَ: عليكم=بخصيِ جميعِ المطربينَ،ولا تانوا!
ونفيِ جميعِ المطرباتِ فشرِّدوا=بهنَّ إلى الصحرا يسُسْهنَّ رُعيانُ
رويدًا أميرَ المؤمنينَ فعندَنا=محاذيرُ يقضي أخذَها منك حُسبانُ
سقى اللهُ أيامًا كماجدِ عصرِكم=كَفاهُ لأمرٍ مِن جنابِك فرْمانُ
إذا شاء ظِلُّ اللهِ في الأرضِ حاجةً=أطاعتْ له من فورِه الإنسُ والجانُ
ولكنْ هنا يا سيدي الشرعُ والهوى=دساتيرُ إفرنجيةٌ وهْي قرآنُ
حقوقٌ وجمعياتُ رِفقٍ ومجلسٌ=يُديرُ وميثاقٌ يُنيرُ وإعلانُ.
تبرّمَ مني نافدًا منه صبرُهُ:=هراءٌ وحسبي عن هرائك ديوانُ
أشاءُ فيُملي بالمشيئةِ كاتبٌ=وتصدعُ بالطاعاتِ والسمعِ بلدانُ.
بلى إنما دَعنا نصوغُ بيانَه=بلهجتِنا فالأمرُ يجلوهُ تبيانُ:
على كلِّ مَن شاءَ الغناءَ شهادةٌ=تفيدُ بتأهيلٍ ويشفعُ برهانُ
على أن ذا المذكورَ خاضَ جراحةً=طواعيةً واستأصلَ الخصوَ فنانُ
وذلك تجويدًا لصوتٍ مقَدَّرٍ=ودافعُهُ فَنٌّ وهاديهِ إيمانُ
يُضحّي لأجلِ الفنِّ دونَ تردُّدٍ=ويخلو له إذْ زالَ عن قلبِه الرانُ
يُطهّرُ نفسًا بالختانةِ ثانيًا=مُجِدًّا على فنِّ كما جَدَّ رُهبانُ.
تضاحكَ ضيفي هازئًا:والنساءُ هل=لهنَّ ختانٌ مثلما سِيقَ إخوانُ؟!
أراك خفيفَ الظلِّ يا أمويُّ،بل=خِيامٌ فما يُجدي مع النقصِ نقصانُ
فتأمرُ أن يلبسنَ زِيًّا موحَّدًا:=خِيامًا فلا رأسٌ تبدّتْ وسيقانُ.
وأين افتتانُ الصوتِ إن سالَ رائقًا=فجُنَّ رشيدٌ أو تحامقَ نشوانُ؟.
ومَن قال إن الأُذْنَ تفقهُ قولَها=وكلُّ الورى في فتحةِ الصدرِ أعيانُ!
رضيتُ غناءَ الغانياتِ إذاعةً=ولكنْ على التلفازِ لا؛ فهو كفرانُ
دلالٌ وغنجٌ في سفورٍ وعورةٍ=فتهتزُّ أخدارٌ ويهتاجُ شُبّانُ.
***=***
بيومينِ نصفُ المطربينَ تقاعدوا=ونصفٌ على بابِ العياداتِ زحمانُ
وتلك "وَبالٌ" خيمةً فوق مسرحٍ="ووطفاءُ" من بينِ التصاويرِ صِيوانُ
تبسّمتُ والتلفازُ ساجٍ هدوؤهُ=فنشرةُ أخبارٍ تُذاعُ وإعلانُ
أمامي سليمانٌ يُشاهدُ واجمًا=وأخبارُنا زِفتٌ يسيلُ وقطرانُ
بمُقلتِهِ دمعٌ تشبّثَ جاهدًا=ومِن جبهةٍ غرّاءَ تطفرُ أحزانُ
***=***
أتبكي،أميرَ المؤمنينَ،أيُعقَلُ؟!=عزيزٌ علينا أنّ عينَك تهمِلُ
أأشجاك تذكارُ الحبيبِ ومَن خَلَوا=وشاقَك مِن أيوبَ ما كان يفعلُ؟
وفِعلُ بني العباسِ في قطعِ رَحْمِهم=وذاك الفتى نحوَ الجزيرةِ يُوغِلُ
فحسبُك أنْ ولّيتَ بعدَك عادلاً=وقد كنتَ في حقِّ الرعيّةِ تعدلُ
ولم تُبقِ للحَجّاجِ والظلمِ صفحةً=وخلّفتَ شعبًا بالرفاهةِ يرفلُ.
تأوّهَ ثم انهارَ كالطفلِ باكيًا=وأسرعَ بالكُمِّ المبلّلِ ينشِلُ
مصائبُكم جَلّتْ فيا بؤسَ أُمةٍ=وكلُّ مُصابي في أُميّةَ يسهلُ
بأيّةِ حالٍ جئتَني بعد رقدتي=وهل بعد هذا يستقرُّ مزلزَلُ
تجرّعتُ كأسَ الموتِ أولَ مرةٍ=لماذا تُثنّيهِ؟ألَم يكفِ أوّلُ؟
دعوتَ من الأجداثِ آمِنَ روعةٍ=وها أنا حيًّا من دعائك أُقتَلُ
***=***
وفي ذمّةِ التاريخِ ،في غُرّةِ السَفْرِ=تمدّدَ جنبًا مُتعَبًا في حشا القبرِ.
وفي هدأةٍ من ليلةٍ راقَ صمتُها=سمعتُ دبيبَ النملِ في نقرةِ الصخرِ
نسيتُ سليمانًا وما بؤتُ مِن أسىً=عليه فقد أصلحتُ مَفسدةَ الدهرِ
أنامُ على حُلْمٍ يراودُه الكرى=وأُغمضُ أجفانًا إلى مطلعِ الفجرِ
ولكنّ كابوسًا يؤرّقُ غَفوتي=وصوتًا بعيدًا نَفّرَ الحُلْمَ في الخِدرِ:
"حبيبي على الدنيا إذا غِبتَ وحشةٌ..."= سليمااانُ.. عُدْ حتى نجُبَّ خُصى فخري!!