عرض مشاركة واحدة
قديم 09-23-2010, 01:18 AM
المشاركة 46
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( الوصول إلى الله عز وجل )
-------------------------------------
إن البعض عندما يستمع إلى الأحاديث التي تدور حول صلاة الليل ، وقيام الليل ، وبركات الأسحار ؛ فإنه يرى أن هذه الدرجات درجات عليا جدا لا تنال ، وكأنها تحتاج إلى مجاهدة غير متحملة ..
والحال : أن الأمر ليس كذلك، فعن أمير المؤمنين ( عليهِ السلام ) :
( إذا هِبتَ أمرا فقع فيه ، فإن شدة توقيه أعظم مما تخاف منهؤ )!..
فالذي يرى أن قيام الليل ثقيل عليه ، ما عليه إلا أن يجرب ، فالإنسان المؤمن له همة عالية !..
أما شدة خوف الإنسان من بعض الأمور المهمة ، فإنها تمنعه من الوصول إلى الدرجات العليا .
إن البعض يستثقل القيام في السحر ، وذلك بدعوى أن نفس القيام يحتاج إلى مجاهدة ، فكيف يتوجه في صلاته ، وهو مثقل بالنعاس ؟..
إن التوجه والإقبال من باب الاستحسان المطلوب في الفرائض ، وفي المستحبات كذلك ..
ولكن في خصوص صلاة الليل - والله العال م- نفس قيام الليل ، وهجران الفراش ؛ فيه ملاك !..
حتى لو صلى الإنسان صلاة الليل وهو مدبر ، أو متناعس ؛ فإن هذا القيام في حد نفسه أمر مبارك ، ورب العالمين يحب هذه الحركة .
إن الإنسان قد ينام - أحيانا - في السجود الأخير من صلاة الليل ، إلى أن يستيقظ لصلاة الفجر ..
أو لا تحتمل أن الله - عز وجل - يحب هذا المنظر الجميل :
مؤمن قام من دون أي إلزام ، وألزم نفسه أن يقف بين يدي ربه ، فخشع في ركعتين ولم يخشع في الباقي ؟..
عن رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ آلهِ و سلم ) :
( يا أبا ذر ! .. إنّ ربك - عزَّ وجلَّ - يباهي الملائكة بثلاثة نفر ـ إلى أن قال صلى الله عليه وآله وسلم ـ ورجل قام من الليل فصلّى وحده ، فسجد ونام وهو ساجد ، فيقول الله تعالى : اُنظروا إلى عبدي !.. روحه عندي وجسده في طاعتي ساجد ) .
( إن الوصول إلى الله - عزّ وجل - سفر ، لا يدرك إلا بامتطاء الليل ) ..
إنها عبارة راقية جدا !..
أولاً : الوصول سفر ..
إن هذه العبارة ترفع الاستيحاش الذي لدى البعض ، حيث أن البعض يستوحش من كلمة : السير، والسفر..
الفرار فروا إلى الله
السفر إلى الله
آه ! .. آه ! .. من قلة الزاد ، وبُعد السفر ، ووحشة الطريق

إلى آخره من هذه التعابير التي تشعر المؤمن أن له سفرا إلى الله عز وجل.
ثانياً : الدابة هي الليل ..
هذا السفر له دابة ، وهذه الدابة متمثلة في الليل ..
فالذي ليس له ليل ، وليس له قيام ليل ؛ من الممكن أن يصل إلى بعض الدرجات ..
ولكن هذا بمثابة الإنسان الراجل لا الراكب :
فالراجل قد يصل ، ولكن بعد جهد جهيد ، ومشقة عالية ؛ بخلاف الذي يركب الدابة ، فيصل إلى المبتغى في أسرع وقت وأيسر حال !..
أما أهل قيام الليل ، فإنهم يصلون إلى الله - عز وجل - وصول الراكبين ، لا وصول الراجلين ......

22 / 9 / 2010