الموضوع: خواطر من نور
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-01-2023, 09:40 AM
المشاركة 2
موسى المحمود
كاتب فلسطيني مميز

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: خواطر من نور
بسم الله الرحمن الرحيم

"وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ ۖ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46) قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ ۖ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ۖ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىٰ أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (50)"

سورة مريم



"عُزلة المؤمن العائد وواقعُ المعاملات اليومية"

إنَّ من عرف طريق الحق، واستوعب كتاب الله وفهم آياته ومقاصدها، أصابته عزلة شعورية لا إرادية تتمثل في الإقبال الحماسيّ على الصّلاح ولذّة الشّعور بالتفوّق الفكريّ لما أراد الله في القرآن الكريم، وتتمثل العزلة أيضاً في الخوف من العودة إلى الجاهلية، والقصد بالجاهلية هنا هو الجهل الفكريّ والتطبيقيّ للقرآن الكريم، ولا تعني الجاهلية هنا الكفر ولا الردّة لاننا نتعامل مع مجتمع مسلم لا مع كفار ومشركي قريش.

من هنا يجب أن يدرك العائد الى النّور الإلهيّ، أنه أمام تحديات عدّة منها الثبات في وجه الفتن التي يزينها الشيطان، والثبات في وجه العادات والموروثات الجاهلية، والتصدي الفكري المستنير -بالتي هي احسن -لرفض المجتمع المحيط فكرة العودة والخروج من موروثه القديم إلى قديمه الجديد وهو تعاليم الاسلام وهديه.

القصد أنه لا يصح للعائد أن يتّهم من دونه فكراً وفهماً وايماناً بالكفر والرّدة وإنّما يكتفي بالدعوة والدعاء والعزلة والاستعداد التّام والتّغيير الجذري المبني على علم القرآن وما صح من سنة النبي صل الله عليه وسلّم.

وعليه أن يدرك أنّ الحياة اليومية بحسناتها وسيئاتها ومعاملاتها لن تتوقف بعودته من الجاهلية ولن تعطيه الحق في تجاهلها بالجملة. إنّما لا بدّ للعابد العائد أن يتعامل مع كل ما حوله في ضوء فهمه السّليم الصحيح الوسطيّ للقرآن والسنة النبويّة الصحيحه. فما استطاع تغييره باللين والدعوة كان به، وما صعب عليه تغييره فلا يملك إلا الحذر منه دون محاولة تعديله فيكسره.

ومن هنا تبدأ رحلة الاصلاح وتبدأ رحلة البعث في امّة الاسلام، واقول بعث وليس تكوين، لأنّ مجتمعنا هذا مجتمع مسلم لكنّه غارق في جاهليّة معاصرةٍ بسبب بعده عن القرآن وقِصَرَ فهمه العمليّ الصحيح لمقاصد الشريعة الاسلامية.

من حقّك أن تعتقد وتفكّر وتدعو من تشاء ومن حق الجميع أن يعبّروا عن آرائهم ومقاصدهم من غير ضرر ولا ضرار. فإن نكثوا العهد وجب الدّفاع بالقول والعمل.

والحمد لله رب العالمين

#خواطر_من_نور