عرض مشاركة واحدة
قديم 01-28-2021, 12:51 PM
المشاركة 3487
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
.... عِيُّ الصَّمْتِ أَحْسَنُ مِنْ عِيّ المَنْطِقِ ....

العِيُّ - بالكسر - المصدرُ ، والعَيُّ - بالفتح - الفاعلُ ، يعني :
عِيٌّ مََعَ صمت خيرٌ من عِيٍّ مع نطق ، وهذا كما يقال : السكوتُ
ستر ممدود على العي ، وفِدَامٌ* على الفَدَامة ، وينشد :

خَلِّ جَنْبَيْكَ لِرَامٍ
وَامْضِ عَنْهُ بسَلَامِ

مُتْ بِداءِ الصَّمْتِ خَيْرٌ
لَكَ مِنْ دَاءِ الكَلَامِ

عِشْ مِنَ النَّاسِ إِنِ اسْطَعْـ
ـتَ سَلَامًا بسَلَامِ


قال ابن عَوْن : كنا جلوسًا عند ربيعة بن أبي عبد الرحمن ،
قال : فجعل يتكلم وعنده رجل من أهل البادية ، فقال له ربيعة :
ما تَعُدُّون البلاغَةَ فيكم ؟ قال : الإيجاز في الصواب ، قال : فما
تَعُدُّون العِيَّ فيكم ؟ قال : ما كنت فيه منذ اليوم .
حدث المنذري عن الأصمعي قال : حدثني شيخٌ من أهل العلم قال :
شهدت الجمعةَ بالضرية وأميرها رجل من الأعراب ، فخرج وخطب
ولفَّ ثيابه على رأسه وبيده قَوْسٌ ، فقال : الحمد لله رب العالمين ،
والعاقبة للمتقين ، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين ، أما
بعد فإن الدنيا دار بلاء ، والآخرة دار قَرَار ، فخذوا من ممركم
لمَقَرِّكُم ، ولا تَهْتِكوا أستاركم عند من لا تَخْفَى عليه أسراركم ،
واخْرُجُوا من الدنيا إلى ربكم قبل أن يخرج منها أبدانكم ، ففيها
جئتم ، ولغيرها خلقتم ، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي
ولكم ، والمدعو له الخليفة والأمير جعفر ، قومُوا إلى صلاتكم .
قلت : ومثلُ هذا في الوَجَازة والفصاحة كلامُ أبي جعفر المنصور ،
حين خطب بعد إيقاعه بأبي مُسْلم فقال : أيها الناس ، لا تَخْرُجُوا
من أُنْسِ الطاعة إلى وَحْشَة المعصية ، ولا تُسِرُّوا غشَّ الأئمة فإنه لا
يُسِرًُّهُ أحدٌ إلّا ظَهَر في فَلَتات لسانه وصَفَحات وجهه ، إنه مَنْ نَازَعَنَا
عُرْوَةَ هذا القَميص أوطأناه خَبْءَ** هذا الغمد ، وإنَّ أبَا مُسْلم بايَعَنَا
وبايَعَ لنا على أنه من نَكَثَ عَهْدًا فقد أباحَنَا دَمَهُ ، ثم نكث علينا
فحَكَمْنَا عليه لأنفسنا حكمَهُ على غيره لنا ، لا تمنعنا رعايةُ الحق
له من إقامة الحق عليه .

* الفدام - بوزن سحاب أو كتاب - المصفاة تجعل
على فم الإبريق ليصفى ما فيه

** الخبء - بالفتح - ما خبئ وغاب ، وخبء
الغمد : هو السيف