عرض مشاركة واحدة
قديم 09-14-2016, 11:25 AM
المشاركة 19
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
عبقرية السنعوسي في "ساق البامبو"
منال الخلايلة
23/6/2015

رواية "ساق البامبو" الحائزة على جائز البوكر العربية لعام 2013 كتبها الكاتب والصحفي الكويتي "سعود السنعوسي"، والذي صدر له سابقاً رواية "سجين المرايا ".

الرواية واقعية خيالية رائعة ومتكاملة من حيث اللغة والحبكة والأحداث والمواضيع المطروحة، حيث تتناول الرواية موضوع العمالة الأجنبية والطبقية والزواج المختلط في المجتمع الكويتي، بالإضافة إلى رسائل غير مباشرة دينية وتاريخية وسياسية. اقرأ أيضًا:*رحلة عقل؛ من الإلحاد إلى الإيمان.

تدور أحداث "ساق البامبو" بين الفلبين والكويت في رحلة للبحث عن الذات، بطل الرواية (هوزية الفلبيني أو عيسى الكويتي) ثمرة زواج مؤقت بين راشد الكويتي المسلم ابن عائلة الطاروف الكبيرة والخادمة الفلبينية المسيحية جوزافين، وقد تم رفض هذا الزواج من قبل المجتمع الكويتي وما نتج عنه من ذرية، ليعيش هوزيه في الفلبين مع والدته في الفقر والعوز حتى سن النضج، ليعود إلى الكويت للقاء عائلته الكبيرة الثرية بعد وفاه والده في حرب الخليج، حاملاً معه وجهه الفلبيني الملامح والذي كان سبباً في رفضه وعدم تقبله مما أدى في النهاية إلى عودته للفلبين لا يحمل معه سوى حفنة من تراب قبر أبيه. اقرأ أيضًا:*الفيلسوفة جوديث بتلر؛ حول أهميَّة الإنسانيَّات ولمَ نقرأ.

*



*

قام السنعوسي بتجسيد عدة أفكار ذكية في هذه الرواية، منها خدعة الصفحة الأولى للرواية التي قام بها لاقناع القارىء بواقعية أحداث الرواية وشخوصها، حيث أوحى بأن الرواية هي سيرة ذاتية كتبت بقلم "هوزيه ميندوزا" باللغة الفلبينية بعنوان "ang tangkay ng kawayan" وترجمت إلى اللغة العربية بواسطة إبراهيم سلام ودققت من قبل خولة راشد.

*

وقد أحكم خدعته هذه من خلال الكلمة التوضيحية للمترجم، والذي أخلى فيها مسؤوليته عما جاء في الرواية من آراء وأسماء وتفاصيل وأسرار تمس الحياة الشخصية لأصحابها، إضافة إلى وضع الحواشي التوضيحية داخل الرواية بالاشتراك مع المدققة، ليتبين فيما بعد أن إبراهيم وخولة هما من الشخوص المحورية داخل العمل. اقرأ أيضًا:*قراءة في "شجون مصرية".

*



*

كما أنه في صفحة التعريف عن المترجم ذكر منجزاته والمواضيع التي قام بنشرها، والتي تبين فيما بعد إنها النقاط الرئيسية في الرواية.*وهي كالتالي:

1- 10 أعوام في الكويت:*شرّح الكاتب المجتمع الكويتي بإيجابياته وسلبياته موضحاً الطبقية وتقسيم العائلات وتصنيفها، كما جعلنا نشعر بالحب والانتماء الرائع لبلدهم وتفاعلهم في حالات الفرح والحزن.

*

2- الدين ليس كما نفهم:*تطرق الكاتب إلى فهم الناس للدين بشكل خاطئ من خلال معامله الناس بتمييز في العرق واللون والجنس، والذي نهت عنه الديانات المسيحية والبوذية والإسلام.*مرر الكاتب تلك الرسائل الرائعة بطريقة بسيطة من خلال رحلة هوزيه في البحث عن الإله.

*

3- الثقافة الإسلامية للمهتدين الجدد:*من خلال علاقة إبراهيم بالبطل هوزيه طرح الكاتب فكرة محاولة هداية الآخرين للإسلام عن طريق ذكر معجزات باطلة كقراءهة اسم محمد النبي على ثمرة بطيخ، وتشبيهه لما يحدث في الفلبين من رؤية العذراء في مكان ما تبكي فيتم تحويل المكان إلى مزار، فيطالب إبراهيم بالاكتفاء بقراءة نصوص القرآن بدلا من استعراض براهين واهية تضعف الدعوة، مؤكدا على أن مكان الإيمان هو القلب.

*

4- العمالة الأجنبية:*من خلال علاقة العائلات بالخدم، والزبائن بعاملي المطاعم، ركز الكاتب على أسلوب التعامل مع العمالة الأجنبية وكأنهم ليسوا بشرا ولا أهمية لهم، بالإضافة إلى تحرش البعض بهم أيضاً.

*

*



*

*

أما بالنسبة لغلاف الرواية وعنوانها “ساق البامبو” فقد كان متفقا مع المحتوى بشكل رائع فالتشابه واضح بين البامبو وهوزية الفلبيني/ عيسى الكويتي وقد كان ذلك واضحاً في المقطع التالي من الرواية:*"لماذا كان جلوسي تحت الشجرة يزعج أمي؟ أتراها كانت تخشى أن تنبت لي جذور تضرب في عمق الأرض ما يجعل عودتي إلى بلاد أبي أمراً مستحيلاً؟ ربما. ولكن، حتى الجذور لا تعني شيئاً أحياناً.*لو كنت مثل شجرة البامبو، لا انتماء لها، نقتطع جزءاً من ساقها نغرسه، بلا جذور في أي أرض لا يلبث الساق طويلاً حتى تنبت له جذور جديدة.. تنمو من جديد.في أرض جديدة.. بلا ماض.. بلا ذاكرة.. لا يلتفت إلى اختلاف الناس حول تسميته.. كاوايان في الفلبين..خيزران في الكويت..أو بامبو في أماكن أخرى". اقرأ أيضًا:*في استخدام الراوي العليم: أورهان باموق وميشيل ويلبيك أمثلة.

*

أما بالنسبة لاختيار الإسمين (عيسى/ هوزيه) أيضاً لهما دلالة كبيرة وليسا مجرد صدفة، فعيسى كان مرتبطاً بوالدته التي ربته كما أنه سمع عن والده منها واحبه واشتاق إليه دون أن يراه كالمسيح. أما هوزيه فهو مأخوذ من اسم البطل القومي الفلبيني هوزيه ريزال الذي كان يتصف بالتأمل وبالمثابرة والمقاومة.

*



*

*

جلوس البطل متأملاً تحت الشجرة لم يكن مصادفة أيضاً فقد كان بوذا يجلس تحت شجرة التين، لممارسة التأمل والتفكر والاستنارة.*لقد طرح السنعوسي أفكاراً عديدة يطول الحديث عنها، فالرواية غنية جداً فقد طرح أيضاً قضية البدون من خلال شخصية غسان الذي خدم في الجيش الكويتي ومع ذلك لا يمتلك الجنسية الكويتية، وقضايا حقوق الإنسان من خلال هند الناشطة في حقوق الإنسان والتي لم تستطع أن تدافع عن حق ابن أخيها على أرض الواقع، بالإضافة إلى قضية الشذوذ في شخصية ميرلا والتفكير في الأسباب التي قد تؤدي إلى هذا السلوك. اقرأ أيضًا:*الأدب في رمضان: 4 مسلسلات تتقدّم المشهد.

*

من الأشياء اللطيفة التي لفتت نظري في "ساق البامبو" دقة التفاصيل من قبل الكاتب حيث يجعل القارىء يشعر بأنه في الفلبين فعلاً، فتارة يذكر قطعة موسيقية شهيرة وتارة نستمع إلى أغنية مشهورة، بالإضافة إلى تعريفنا على البطل القومي الفلبيني "ريزال" والسلطان المسلم "لابو_ لابو" وديانة الريزاليستا مما أعطانا بعدا ثقافيا للفلبين.أعتقد أن الكاتب نجح في إيصال رسائله للقارىء ببساطة وجمالية وبراعة.

*

من ساق البامبو المليئة بالاقتباسات الرائعة اخترت لكم :*

"إنه قدري، أن أقضي عمري باحثا عن إسم ودين ووطن."
* * * *هوزية

*

*

*

*"كل شيء يحدث بسبب ولسبب"
* * * * * جوزافين.
*
مؤخرًا تمّ تحويل رواية ساق البامبو إلى مسلسل تلفزيوني رمضاني، اضغط لمزيد من التفاصيل حول مسلسل ساق البامبو.
الصور الواردة في المقال من المسلسل.
*
منال خلايلة
23-06-2015