الموضوع: أخناتـــون
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-28-2011, 11:32 PM
المشاركة 3
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
العاصمة الجديدة

مرّت السنوات الأولى من حكم أمنحوتب الرابع, أخناتون, بوصفه مشاركاً للسلطة مع أبيه في العاصمة طيبة. ولكنه كان مصمماً على تحقيق إِصلاح ديني جذري, فترك العاصمة طيبة برضى أبيه الملك, وأسس على مسافة تقرب من ثلاثمئة وخمسة وسبعين كيلو متراً إِلى الشمال من طيبة, بعيداً عن أرض آمون, مدينة جديدة سرعان ما أضحت عاصمة زاهرة هي أخيت آتون (تل العمارنة).


ونقل أخناتون بعدئذ مقره إِلى هذه المدينة الجديدة ليعيش فيها مع زوجه وجواريه وأفراد حاشيته من كبار الموظفين وبناته الست اللواتي أنجبتهن نفرتيتي. ويبدو أن العائلة المالكة عاشت حياة سعيدة في أخيت آتون حتى انقسام الأسرة في أواخر سنوات حكمه.


ولم يقتصر التغيير في أسلوب حياة الفرعون على علاقته بأسرته ورعيته, بل ثمة تغيير في أسلوب الملك المصري تبرزه دراسة الرسائل الدبلوماسية في أرشيف تل العمارنة وهي تكشف عن أسلوب التخاطب والتراسل بين ملوك وأمراء كنعان وأمورو (فلسطين وسورية) من جهة والفرعون المصري من جهة أخرى.



وتدل دراسة عصر العمارنة برمته على تدهور النفوذ الفرعوني في المناطق التابعة بعد التراخي في فرض هيبة الملك التي تراجعت كثيراً عما كانت في عصر تحوتمس الثالث. فمبالغ الجزية المفروضة على البلاد لم تعد تصل إِلى خزانة فرعون. ولم يتحرك القصر الفرعوني كما يقتضي الأمر لمواجهة الوضع الدولي الناجم عن تراجع مصر أمام تقدم النفوذ الحثي.


ويبدو أن مؤامرة كبيرة أطرافها من الداخل: كهنة آمون في طيبة وقائد الجيش حورمحب من جهة, وأمراء كنعان وأمورو من جهة أخرى, قد تم تدبيرها للإطاحة بحكم العاهل الذي كان منصرفاً إِلى الإِصلاح الديني, من دون أن يكون محيطاً بما كان يجري حوله.



ومرّ زمن كان فيه الملك قابضاً بيد قوية على زمام الأمور في طيبة وفي القصر. وكان باستطاعته أن يأمر بتشييد معابد ضخمة لآتون في طيبة بجوار معابد آمون. ولكن بعد السنة الثانية عشرة من حكمه أخذ الضعف يدبُّ في بنية السلطة. ووقع الانشقاق في الأسرة الملكية نفسها. فتركت الملكة نفرتيتي القصر الملكي في وسط مدينة أخيت آتون مع المربية تي وزوجها الكاهن إِيي وأربع من بناتها والأمير الصغير توت غنخ آتون واتخذت لنفسها مقراً في شمالي المدينة, في حين استقر الملك في قصر آخر في جنوبي العاصمة. ووثق صلته بأخيه الأصغر «سمنخ كارع» ليجعله صهره وزوجاً لابنته وشريكاً له في إِدارة الُملك, وبذلك دخل عصر العمارنة مرحلة جديدة.


في هذه المرحلة تفاقمت حالة الملك النفسية, وازدادت تصرفاته اضطراباً, فغدت شبه عشوائية ووسّع جبهة المناهضين لحركته الدينية عندما أمر بتحطيم تماثيل آمون وبمحو اسمه من النقوش, وألغى ألقابه وكل ما كان يطلق عليه من صفات تعبر عن الاعتقاد بحماية عرشه الملكي.


واتسع نطاق هذا التغيير في الحياة الدينية في مصر القديمة حتى شمل صورة الصقر التي يرمز بها إِلى الربّة نخبت, وشُوَّه اسم مدينة آمون (طيبة) المكتوب بالهيروغليفية, وأصدر الملك أوامره بإِزالة تلك الصور الممقوتة حتى حدود النوبة, وإِحلال عبادة آتون محلها في كل أنحاء البلاد.


وقد اصطدمت هذه السياسة الدينية التي قادها الملك بمعارضة قوية تزعمها كهنة المعابد الذين كانوا أكثر المتضررين من توحيد العبادة, وكذلك النبلاء الذين هدَّدت الإِصلاحات امتيازاتهم, والضباط والقادة العسكريون الذين تقلص نفوذهم في الدولة لقلة اهتمام الملك بالجيش ولعزوفه عن متابعة سياسة أسلافه التوسعية, فأصاب الوهن القدرات العسكرية للدولة وتدهورت هيبتها المعهودة داخلياً وخارجياً, وتوغلت دول الأناضول القوية في سورية.


وقد أشارت وثائق العمارنة ولاسيما الرسائل الدبلوماسية منها إِلى حقيقة الوضع في فلسطين وسورية في مواجهة التوسع الحثي. وكان لانصراف أخناتون عن قيادة جيوشه أو تحريكها بطريقة فعالة من أجل المحافظة على مواقع مصر في آسيا الغربية, والاكتفاء بالعمل على نشر عقيدته الجديدة عواقب وخيمة كلّفت البلاد ثمناً باهظاً, إِضافة إِلى انهيار العلاقات التجارية لانعدام الأمن والاستقرار, وانتهت أيام الملك في خضم أزمة مأساوية, وآلت الأمور بادىء الأمر إِلى وريثه سمنخ كارع الذي عمل على إِعادة الاتصال بمنفيس وطيبة, وأعاد مصر إِلى التعددية الدينية.


ودفن أخناتون في عاصمته أخيت آتون. وقد تعرّف علماء الآثار على قبره, ولكنهم لم يعثروا إِلاّ على حطام ناووسه الملكي الذي رمم ونقل إِلى متحف القاهرة. أما مومياؤه التي لم يعثر عليها فلا يعرف أحد ماذا حلّ بها. وقد يكون أصابها ما أصاب أخيت آتون (تل العمارنة) من التدمير على يدي القائد حورمحب الذي كان في مقدمة من عمل على إِنهاء عصر العمارنة وعلى الإِطاحة بحكم أخناتون.


وقد عثر في وادي الملوك على مومياء يظن أنها مومياؤه ولكن لا توجد دلائل قاطعة على ذلك. وبعد سمنخ كارع الذي حكم مدة قصيرة اعتلى العرش توت عنخ آتون الذي اضطر إِلى تبديل اسمه إِلى توت عنخ آمون مؤذناً بإِعادة الاحترام لآمون ولكهنة طيبة الأقوياء. وهكذا انهارت هذه المحاولة المبكرة لقلب الوجدان الديني التقليدي في مصر القديمة ولإِحلال وحدانية الإِله محل التعددية.


عبد الله محمود حسين - محمد حرب فرزات

الموسوعة العربية


ALDRED CYRIL, Akhenaton Pharao of Egypt-1958
- NOBLECOURT C. DESROCHES, Ľ extraordinaire aventure Amarnienne -Paris 1959-

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)