عرض مشاركة واحدة
قديم 10-18-2010, 08:03 PM
المشاركة 40
عمر ابو غريبة
شاعر وأديب أردني
  • غير موجود
افتراضي
تابع ،،
قراءة في قصيدة الشاعر عمر ابو غريبة " الصورة النازفة - 4


على اللوحِ مُسجىً غارقٌ في دمائه كأن فراتاً تحته يتحدّرُ
هنا رافدٌ منه ومنيَ رافدٌ على وجنتي ينسابُ دجلةُ آخَرُ

روافدُ للأحزانِ والدمِ تلتقي وتلطمُ أمواجي الخليجَ وتهدرُ
وما بين نهريِّ الدماءِ وأدمعي يزمزمُ طوفانٌ متن القهر يزأرُ


في هذا المقطع نسمع صوت الشاعر والذي هو في نفس الوقت صوت الأم إذ يصف الطفل وهو مسجى على اللوح وهو غارق في دمه حيث يشبه الشاعر دم الطفل النازف وكأنه نهر الفرات...ويعود الشاعر ليتحدث بصوت الأم إذ نسمعها تقول: منه، أي من ابنها الطفل الجريح، يتدفق رافد من الدم كمثل نهر الفرات ومني أنا، الأم، تتدفق روافد من الدمع والحزن تنساب على وجنتي وكأنها نهر دجلة....

هذه الروافد القانية من دم الطفل ودموع الأم وأحزانها تلتقي جميعا فتكون بقوة التقاء نهري دجلة والفرات وتصب في الخليج وتلطم موجه وتصدر صوتا هادرا كمثل صوت نهري الفرات ودجلة عندما تلتقي لتصب في الخليج...

ولكن الوصف لا يقف عند ذلك الحد فنجد الشاعر يقول بأن طوفان من القهر أيضا قد تشكل بين هذه الأنهر الهادرة والتي تشكلت من الدمع والدم والحزن النازف من عيون الام وجسد الطفل لتجري بقوة نهري الفرات ودجلة، هذا الطوفان من القهر له صوت زئير وذلك كناية عن شدة وهول المصيبة وفداحتها...وما تسببه من الم وقهر.

وهنا يظهر الشاعر قدرة هائلة على التصوير والتشبيه والوصف لفداحة ما أصاب الطفل فكان دمه ينزف ليشكل نهرا من الدم كمثل نهر الفرات وهول ما أصاب الأم من الحزن لتذرف دمعا جرى على وجنتيها كنهر دجلة...فكان الغضب والقهر طوفنا يزأر لشدته وقوته.

ورغم أن الشاعر يصف هنا هذه المصيبة التي ينظر إليها والمجسدة في صورة الطفل وأمه كما يخبرنا لكنه لا بد يتحدث أيضا عن الصورة الأعم والاشمل هناك والتي تمتلئ بعدد هائل من الأطفال القتلى والجرحى وأمهاتهم الثكلى على ارض العراق وما ينتج عن ذلك من غضب يتشكل على ارض الرافدين وكأنه الطوفان القادم لا محالة.

يتبع،،
الأستاذ الأديب أيوب صابر
أطربتني بالتقاطك البارع لتلك الصورة الجغرافية الشعرية
ارجو أن لا تبخل علي بأي انتقاد فرأيك عندي بمكان
امتناني وتقديري
سيدي