عرض مشاركة واحدة
قديم 01-11-2014, 09:50 PM
المشاركة 32
أحمد الورّاق
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي


السلام على الأستاذين الكريمين أحمد الوراق و عبده فايز الزبيدي . و على كل المساهمين في هذا الموضوع .
حقيقة كلنا نستفيد من هذا الموضوع و نطلب من الله أن يجزيكم خير الجزاء و يوفقكما على قول الحق و يبعدكما عن السيئات من القول والفعل .
قد تكون معرفتي الدينية والعلمية لا تخول لي الدخول في الموضوع ومناقشة أفكاره و آرائكم .
لكن يبقي الدين عقيدة قبل كل شيء ، و بعدها تأتي العبادات و بعدها تأتي الأخلاق . فأعتقد أن العبادة ما هي إلا اعتراف بالعقيدة ، و الأخلاق تتويج واعتراف بالعقيدة وبعد ذلك بالعبادة .

قد يكون الجواب الذي يبحث عنه الأستاذ الوراق هل الدين أخلاقي أم لا ؟ بالطبع فالدين أخلاقي . لكن هذا لا يستلزم أن الدين يساوي الأخلاق وإلا قلنا أن الدين جميل فهو جمال ، و الدين حسن فهو الحسن ....
أحيانا المصطلح له ميزته وله مكانته التي لا يستطيع الخروج منها .
فعندما نقول الدين الإسلامي و نقول الأخلاق الإسلامية ، فالفرق واضح بين المصطلحين و لا يمكن هكذا المزج بينهما أو اختزال أحدهما في الآخر .


كل التقدير والاحترام .


وعليكم السلام ورحمة الله ..

تعليقاً على ما تفضلت به أتساءل: هل توجد أخلاق إسلامية وأخلاق غير إسلامية؟! الله سماها المعروف لأن المعروف معروف عند الجميع وسمى المنكر وهو ما أنكره الجميع. ونعم الإسلام حسن والإسلام جمال والإسلام أخلاق، وهذا لا يعني أنه محو للإسلام وعقيدته، نعم في الإسلام عقيدة وفي الإسلام شريعة وفي الإسلام معاملات وكلها الثلاثة أخلاقية مع الخالق والمخلوقين والمخلوقات، فما الذي يعيب هذا الكلام ولماذا لا تقول مثله؟

الإسلام باقة من الأخلاق تأخذ تسمياتها بحسب موقعها وموضوعها كما قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) ووضحت للأخ الزبيدي أن الكفار مارسوا سوء أخلاق مع الخالق والمخلوقين والمخلوقات وهذه صفاتهم في القرآن كلها من نوع المنكر أي سوء الأخلاق، فدع اليتيم ألا تسميه سوء أخلاق؟ ومنع الماعون، والتكبر، وكفر الحق بعد علمه، والظلم، وأكل أموال الناس بالباطل، والتطفيف، والإفساد في الأرض، وإتيان الرجال شهوة (ولا أقول "اللواط" كما يسميه الكثيرون؛ حتى لا ينسب هذا الفعل الخبيث إلى نبي الله الشريف لوط عليه السلام ) .

وكيف تقول أن الإسلام أخلاقي وبنفس الوقت ليس أخلاق؟! هذا تناقض. أرجو أن تخرج من التفكير المألوف وتفكر في الأمر ملياً، فليس كل مألوف صحيح دائماً، نحن نحارب عادات ألفناها واكتشفنا أنها خاطئة، وإذا لم تكن العقيدة أخلاقية فماذا تكون؟ حدد تصنيفها ، ولا تقل أن العقيدة عقيدة والجدار جدار والباب باب، لأنك هكذا تجمد العقيدة وكأنها كتلة خرسانية، والتجميد إماتة للدين وليس إحياء له، وكلمة أخلاق أوسع من النظرة المألوفة كالتبسم وإعطاء سواك ونحو ذلك.

قبل أن نتكلم عن شيء يجب أن نعرف ما هو ونعرف أبعاده وما الرقعة التي يغطيها، كيف تفصل بين العقيدة والشريعة والأخلاق؟ أليس من العقيدة عبادة الله وحده دون شركاء؟ هيا أخرج الأخلاق من هذه النقطة! فإذا عبدت الله وحده فيعني أنك أعطيت صاحب الحق حقه وهذا من الأخلاق، وإذا شكرت الله على نعمه أنت قمت بأخلاق الشكر للمتفضل وهذا من الأخلاق شئت أم أبيت، والله سمى عباده بالشاكرين والشكر أخلاق، ومن العقيدة تحريم الذبح لغير الله، وهذا داخل في إعطاء الله حقه ، وهكذا، فالعقيدة الصحيحة هي أخلاق.

والأخلاق ما هي؟ إنها الحق، فإذا كان العلم التجريبي حق فيما يتعلق بالمادة فالأخلاق حق فيما يتعلق بعلاقة الناس بعضهم ببعض أو علاقتهم بخالقهم، وكل شيء يشمله حكم حق وباطل وليس في مجالات محددة قال تعالى {فماذا بعد الحق إلا الضلال} ولا يوجد شيء ثالث وقال تعالى {يخرجكم من الظلمات إلى النور} .

وكلمة أخلاق وخلق من أصل لغوي واحد -فيما يظهر لي- وهو الفَطْر، فأساس الأخلاق فطري موجود عند الجميع {ونفس ما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها} ، ولهذا سميت أخلاق لأن مفردها خلق وخليقة، وحتى كلمة (خُلُق) ليست مفرد وإنما اسم جنس جمعي مثل كلمة (عالَم)، فجذر الكلمة هو (خ ل ق) مما يعني أن الأخلاق أصيلة ومخلوقة في الإنسان، ومردافتها كلمة (طبع) من الطبيعة ، والخلق والفطرة بمعنى واحد. فالله خالق السماوات والأرض وهو فاطر السماوات والأرض.
وخلق وأخلاق، مثل رماح وأرماح وكعاب وأكعاب وشِعاب وأشعاب وسوار وأسوار،

وفي لسان العرب: "الخُلق هو الدين والطبع والسجية، وحقيقته أنه لصورة الإنسان الباطنة والخلْق لصورته الظاهرة" .
وقال الطغرائي:
وإن بليت بشخص لا خلاق له *** فكن كأنك لم تسمع ولم يقل
وطبعاً هنا لا يقصد بالخلاق النصيب.


إذن حصر الأخلاق في مجالات محددة تضييق لنطاق الأخلاق وإبعادها عن دورها إلى مجرد آداب عامة وإيتيكيت يفعلها الصادق والمنافق، وإذا كانت الأخلاق حق فماذا بعد الحق إلا الباطل، أما إن كانت الأخلاق باطلاً فوضح لنا ذلك.

ولهذا قال تعالى {فذكر} والتذكير يكون لشيء موجود ونسي وهي الفطرة السليمة، لهذا لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم وليس لهم أخلاق في الآخرة كما قال تعالى {ما لهم في الآخرة من خلاق}.

لاحظ أن الأخلاق تدخل في كل شيء بالحياة، فالعمل يحتاج أخلاق والدراسة تحتاج أخلاق والجيران يحتاجون أخلاق والنقاش يحتاج أخلاق والأفكار تحتاج أخلاق، وبالتالي الدين والعقيدة تحتاج أخلاقاً، إذن كيف تحصر الأخلاق في آخر زاوية في الإسلام وهي داخلة في كل الحياة؟؟ وتوضيح الأخلاق في العبادات والعقيدة أمر سهل جداً ويستطيعه الجميع، ولا أظن الزكاة مثلاً تحتاج معرفة أن هدفها أخلاقي، ولا حتى الصوم ولا الصلاة ...الخ ، كل الأشياء ينسحب عليها حكم أخلاقي أو غير أخلاقي دون أن يزول تصنيفها ، فأنت تستطيع أن تعمل تاجراً بهدف أخلاقي دون أن يمسح منك مسمى تاجر! وبالتالي عقيدة الإسلام أخلاقية دون أن يمسح مسمى عقيدة، فهل التاجر الأخلاقي صار بلا تجارة وصار مجرد إنسان ودود بشوش يمشي في السوق ويوزع الابتسامات؟!!

وما جاء الأنبياء إلا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمعروف أساسه أخلاق، إذن الإسلام دين الأخلاق له عقيدة أخلاقية وشريعة أخلاقية ومعاملات أخلاقية يقوم المسلم بها ويسقط بها، وانتهى الإشكال..

العقيدة تنتمي إلى الأخلاق وليست الأخلاق تنتمي إلى العقيدة، لاحظ أنك تقول العقيدة أخلاقية مثل أن تقول الماء سائل، فكلمة سائل أوسع من الماء لأن هناك سوائل أخرى.

وشكراً لك ولكل من ساهم في الموضوع..