عرض مشاركة واحدة
قديم 02-01-2014, 03:15 PM
المشاركة 482
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والان مع العناصر التي شكلت الروعةفي رواية - 22ـ مدام بوفاري، للمؤلف جوستاف فلوبيرت

- "مدام بوفاري" من أروع الرواياتالتي عرفها الأدب العالمي في القرن الماضي، إن لم تكن أروعها على الإطلاق.

-وقد كرسبها غوستاف فلوبير، أكبر روائي فرنسي مع بالزاك في القرن التاسع عشر، انتصار المذهبالواقعي على المذهب الرومانتيكي.

-ومن هنا تأثيرها العميق في مجرى الرواية العالميةالمعاصرة. وعند صدور "مدام بوفاري" أقامت النيابة العامة الفرنسية الدعوى علىفلوبير بتهمة اللاأخلاقية، ولكن محامي الكاتب ألقى مرافعة رائعة دافع فيها عنالرواية دفاعاً بليغاً لم تجد المحكمة معه إلا أن تبرئ الرواية وتعتبرها عملاًفنياً ممتازاً.

- "إيما رووالت" ابنة فلاح ثري وزوجة "شارل بوفاري" طبيب وموظفبالصحة وأرمل لسيدة من الأثرياء المستبدين. عاشت "إيما" وتربت في الدير، وكانتتتنسم مباهج الحياة من الروايات الغرامية التي كانت تقرؤها. وفي إحدى الحفلاتالراقصة في قصر الثري "فوبيسار" اكتشفت الحياة الحقيقية وبذخها. عاشت "إيما" فترةعصيبة، وفي إحدى الليالي ذهبت إلى المسرح مع زوجها، وهناك تعرفت على "ليون" الذيأصبح هو الآخر عشيقها. بدأت تخترع الأكاذيب لزوجها لكي ترى "ليون" وقد أنفقت كثيراًمن الأموال كهدايا وقروض لـ"ليون"، وقامت برهن جميع مجوهراتها لتاجر جشع يسمى "أورو". وقرر زوجها أن يعيشا في إحدى القرى "يونفيل لاباي". وهناك عرفت كثيرا منالشخصيات مثل الصيدلي "أومييه" والراهب "بورتيسيان" و"ليون ديبوي" و"رودولفبولونجيه" الشاب الوسيم. ووضعت "إيما" طفلتها الأولى، وبعد بضعة أشهر أقامت علاقةغرامية مع الشاب "رودولف" وقررت أن تهرب معه، ولكنه رحل بدون أنيودعها.

- وصفها الدكتور عبد العزيز المقالح بـ ( الرواية المبتذلة ) و وصفها موباسان بأنها ( ثورة في عالم الأدب )

-قال كاتبها في حديث عنها : ( لقدقرفتُ من ( مدام بوفاري ) فالكل يطريني على هذا الكتاب، وكأنه لا وجود لشيء من كلهذا الذي كتبته بعدها. أُؤكد لك بأنني لو لم أكن في عوز وحاجة لعملتُ على أن لاتُطبَع مرة أخرى أبدا .

- لقد دشن الكاتب الفرنسي جوستاففلوبير ( 1821 – 1880 ) المدرسة الواقعية في الرواية الفرنسية بروايته مدام بوفاريو أنتقل بها من ميوعة الرومانتيكية – إذا جاز التعبير – إلى مرحلة أعلى من النضجالكتابي و الإبداعي .

-أتت هذه الرواية و هي تحملمعها معولاً لهدم التيار الرومانتيكي الذي كان في أوجه في الخمسينات من القرنالتاسع عشر في فرنسا

-كتبت هذه الرواية ما بين عامي ( 1851 – 1857 ) حين كانأعلام الرومانتيكية هم المسيطرون على أذهان الشباب و عقولهم أمثال فيكتور هوجو ( 1802 – 1885 ) لامارتين ( 1790 – 1896 ) الفريد دي فيني ( 1797 – 1863 ) و الفريددي موسيه ( 1810 – 1857 ) ,

-فقد كتب فيكتور هوجو رائعته ( البؤساء ) عام 1862 بعدإصدار رواية مدام بوفاري بخمس سنوات , و لأن العصر كان عصر الرومانتيكية و عصر الحبالعذري و الموت من اجل الحب العفيف الطاهر فقد صدمت رواية مدام بوفاري المجتمعالفرنسي بأكمله و قد قدمت الرواية و صاحبها إلى المحاكمة التي أسفرت عن براءةالكاتب و الرواية وهي اليوم مفخرة كل الفرنسيين .

-و قد كتبت الروايةبموضوعية شديدةتميز فيها جوستاف فلوبير بقدرته على الملاحظة الدقيقة،

-وعلىتوصيف النماذج البشرية العادية، توصيفا دقيقا، والاستعانة بالعقل، والرؤية الموضوعية، بدلا من الرؤية الذاتية،التي يتصف بها الكتاب الرومانتيكيون عادة لأنهم يعتمدون على الخيال، والعواطفالمتقدة، في التعبير الأدبي،

-والواقع أنه الكاتب الذي لم يكن ينفر من الواقع علىغرار الرومانتيكيين، بل كانيعتقد أن الفن الحقيقي هو الفنالموضوعي وأن الفصل بين الفنان كذات، وفنه كموضوع، ضروري جداً لتوصيل الرسالةالمرجوة من الأدب ,

-و قداستطاع أن يرسم التطورات النفسيةالتي عاشتها إيما بوفاري بدقة متناهية , من فتاة إلى زوجة عادية إلى زوجة تبحث عنالسمو بذاتها مع حبيب زائف إلى خائنة لزوجها إلى امرأة تسببت في تحطيم حياتها وزوجها إلى الانتحار.

-و تكون نهاية هذه الحياة الرومانتيكية هي اصطدام قاسٍ جداًبالواقع أدى إلا الانتحار و هنا يسخر فلوبير من التيار الرومانتيكي و كأنه السبب فينهاية إيما بوفاري لأنها تأثرت به في بداية حياتها و ضلت تبحث عنه و لم تجده و لمتعرف أنه ( ليس موجود إلا في الكتب الرومانتيكية ) إلا بعد أن خسرت حياتها و عفتها,

-و كأنه هنا يوجه رسالة ( موضوعية و صادقة ) إلى الفتيات اللاتي يحلمن بالحب الجميلو ( بالفارس الذي يأتي على فرس ابيض ) بأن الواقع يختلف عن ما صوّرته الكتبالرومانتيكية و بأن عليهن الحذر من الوقوع في شرك البحث عن الحبيب الزائف ,

-و هوهنا حينما يسخر من التيار الرومانتيكي فأنه - في تحدٍ شجاع - يواجهه المجتمع بالواقع المرير وهو يواجه أيضاً الأدباء الرومانتيكيين و كأنه يقوللهم : ( لماذا تكذبون على المجتمع و تضعون مساحيق التجميل البشعة على الواقعالتعيس من أجل إظهاره بالمظهر الحسن ؟ لماذا لا تواجهون الواقع و تجدون حلولاًللمشاكل التي يغرق فيها المجتمع بدلاً من العيش في سكرتكم و أحلامكم الزائفة؟

-كتب فلوبير روايتهبأسلوب بالغ الروعة و قد بذل فيه مجهودا جباراً حتى أنه كان حريصاًعلى أن لا تتكرر المفردة في نفس الصفحة أو حتى في الصفحات المجاورة و لهذا فهي تعدذخيرة لغوية بالنسبة للغة الفرنسية

- وكانحريصاً أيضاًعلى أن لا يصاب القارئ بالملل فنجد الكاتب يستخدم كل براعته في ( التأليف ) بينالكلمات و العبارات , كي يوحي بما كان يستشعره أحد أبطال الرواية مثلاً من حالة نفسية: من لهفة أو تراخ , من تعب أو راحة , من انفعال أو بلادة …الخ .
-بلإن براعته تبلغ الذروة حين يصف الملل أو الضجر الذي كانت تعانيمنه إيما بوفاري في عشرات الصفحات دون أن يقع الكاتب في شرك الممل الذي يصيبالقارئ.
و قد طغت هذه الرواية على كل أعمالة .