عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
3

المشاهدات
3131
 
خا لد عبد اللطيف
قاص وروائي مغربي

خا لد عبد اللطيف is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
80

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Sep 2006

الاقامة

رقم العضوية
2006
05-31-2012, 12:32 AM
المشاركة 1
05-31-2012, 12:32 AM
المشاركة 1
افتراضي من يقتل الكتاب بمسدسات كاتمة الصوت؟
" من يقتل الكتاب المبدعين بمسدسات كاتمة الصوت"؟

من مكرالتاريخ،وسخريته الكونية على فضاءاتنا الثقافية،كون الكتاب يصرون وباستمرار على نشركتبهم وإغراق السوق بها،وفي نفس الوقت يصرالقراء على عزوفهم المعهود عن القراءة ومقاطعتها،وان اقتضى الأمر محاربتها ببدائل أخرى ترفيهية كالتلفاز والأنترنيت والاستمتاع بالموسيقى ومعاكسة الفتيات في الشارع العام،وتبادل الرسائل القصيرة عبر الهواتف النقالة،بل الأخطر من ذلك أن تلاميذ المؤسسات التعليمة أصبحوا يكترون قاعات الأفراح ويقومون بتنظيم حفلات صاخبة يختلط فيها الجنسان،يدخنون الشيشة وأشياء أخرى والبقية يعرفها الجميع،وشرح الواضحات من المفضحات.هذا المشهد الاحتفالي الذي يمارسه شباب ميؤوس منه أمام مرآى الجميع،يجسد أول شكل من أشكال القتل السري للكاتب ومؤلفاته.
والشكل الثاني للقتل الممنهج للمبدع(لا تستغربوا) يأتي من أهل الدارنفسها،أقصد المشرفين على البرامج الثقافية بقنواتنا التلفازية الأولى والثانية والرابعة،وتهميش الكتاب الحقيقيين،وعدم استضافتهم في بلاتوهاتهم لأسباب لايعلمها إلاهم والمحظوظون،بالإضافة الى تهميش الكتاب الذين ينتمون الى المدن السفلى والهامشية
(أبي جعد وقصبة تادلة واودي زم وأزيلال وواويزغت وقلعة السراغنة وتنغيرودمنات...)والتعامل مع المبدعين بنوع من الإنتقائية تحكمها خلفيات شعبوية وعنصرية مفضوحة،ومايؤكد هذا الطرح،هو أن وزارة الثقافة خلال المعرض الدولي الثامن العاشر المنظم بالدار البيضاء منحت لمعدي البرامج الثقافية بقنواتنا كتبا قصد التعريف بالكتاب الجدد وبإصداراتهم لكن "مشارف المستقبل" و"ناقد الإبداع" كانا مجرد آلات لللإقصاء وحقن للإحباط والشلل تراهن على القرابة والقبلية ،وتستبعد مادونها.
حين تتحول الثقافة الممنهجة من صانعيها الى ثقافة امبريالية تبعية،تراهن على إقصاء المبدعين الحقيقيين،وتصفية إبداعاتهم ،وقتلهم طاقتهم الخلاقة رمزيا،هي مؤشر على وجود خطة قبلية للإجهاز على الفعل الثقافي الشرعي برمته،وخلق ثقافة مهيمنة/استبداية/نازية/ إقطاعية/استعمارية/ تركز على تسويق ثقافة استهلاكية لها ارتباط بمنتجات إعلامية مسلعة تحتوي على روح وقيم رأسمالية الشركات توهم القارئ والمشاهد بوجود صورة كلية ثقافية،والأنكى من هذا أن المؤسسات الثقافية الوصية فقدت شرعيتها ،وأصبح الخطر الأكبر هو استنبات ثقافة مناهضة لثقافتنا..ثقافة لاجذور لها تتغذى على خطابات شعبوية ونخبوية تدور في فلك لوبيات تحتكر الثقافة المعدة سلفا للاستهلاك والترويج.وترضي آلات تدميرية غربية تحت غطاء النزعة الكونية كمشروع ثقافي تضرب في العمق، هويتنا الثقافية وخصوصياتنا الابداعية المحلية الأصيلة، والمتأصلة في جوهرنا مشروعنا الثقافي المغربي المحض.إن التسليم بأن الثقافة غير متناقضة مع الكونيات بما تحمل من أسماء مختلفة كالمثاقفة والمجانسة الثقافية وخطاب التمازج والتلاقح الثقافي المتعدد وغيرها من المسميات،مما يجعل الكاتب يعيش على اضطهاد ثقافي غير مكشوف بالمرة،ويدس له السم في الدسم من حيث لايدري،ليتأكد بعد فوات الآوان أن هذه التسميات تنطوي على الكثير من الدلالات الخادعة والتطمينات الملغومة التي تقتل الكاتب من جهة،وتقتلع الثقافة الحقيقية من جهة ثانية.إن أحد أخطرالمؤسسات القاتلة للكاتب تبدأ من المسؤول عن المطبعة مرورا بالموزع،وصولا الى قراء من طينة من يفترض فيهم تربية الأجيال،هؤلاء الذين لايقاطعون الكتاب وكتبهم فحسب،بل ينشرون ثقافة التيئيس حتى بين تلاميذهم في المدارس والثانويات وطلابهم في الجامعات،هل هناك من خطر يهدد ثقافتنا وابداعنا وكتابنا وكتبهم من هؤلاء المحسوبين على النظام التعليمي الذي أصبح مشلولا بسبب نزعتهم العدائية للثقافة والمثقفين،ولخلقهم لثقافة بديلة اسمها"ثقافة الإسمنت والتجزئات السكنية" هؤلاء المهووسون بالإتجار في العقار قتلوا ثقافتنا ومثقفينا،وأصبحوا مجرد ظواهر صوتية لاتنتج خطابا ثقافيا،بل لاتسمع حناجرها في منابر الشعر والابداع والمحاضرات،بل تحولت الى ببغاوات لاتتقن فعلا غير فعل الإضراب وطلب الزيادة في الأجورـوتضييع أولاد الشعب.والحقيقة المرة التي ينبغي أن نجهربها أنه لاشيء يهدد ثقافتنا بالزوال والإندثار غير هؤلاء المحسوبين على نظامنا التعليمي من "أساتذة" ليس بينهم وبين التعليم غير الخير والإحسان.إنهم ليسوا مجرد مقاطعين للثقافة فقط بل محرضين على عدم استمرارها سواء في المؤسسات التعليمية أوفي المقاهي أو في مقرات أحزابهم أو في اجتماعاتهم اليومية بالودادية السكنية.
لقد ذكرتني محنة الكاتب المغربي مع أعدائه العلنيين والسريين،الواقعيين والمفترضين،الإسمنتيين والعقاريين بقولة أحد قادة الكستابو في الجهاز السري للنظام النازي الذي قال:"عندما أسمع كلمة ثقافة أخرج مسدسي"
فكم عدد المسدسات الكاتمة الصوت التي اغتالت كتابنا ومبدعينا وروائيينا برصاصات أخطر من الرصاص الحي،إنها الحرب النفسية الماكرة والغيرالمرئية التي تجتث ماتبقى من الحلم للكاتب ورغبته في إصدار كتاب آخر.

خالد عبداللطيف: روائي وقاص مغربي
عضو كتاب الأنترنيت العرب.



هذا المقال صدر الأسبوع المنصرم بأكبر جريدة مقروءة بالمغرب جريدة"المساء"



التعديل الأخير تم بواسطة حميد درويش عطية ; 05-31-2012 الساعة 03:33 PM