عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
22

المشاهدات
10612
 
عبدالأمير البكاء
من آل منابر ثقافية

عبدالأمير البكاء is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
342

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Mar 2010

الاقامة
العراق / النجف الأشرف

رقم العضوية
8844
11-03-2010, 04:08 PM
المشاركة 1
11-03-2010, 04:08 PM
المشاركة 1
افتراضي الناطقون ب( الزاد )
الناطقون ب( الزّاد !)

حين دار الحديث في اتحاد الأدباء في مدينتي ، حول أثر الألفاظ

الأجنبية على لغتنا العربية ، تذكرتُ الحكاية التي رواها لنا _ نحن

طلبة المرحلة الرابعة في قسم اللغة العربية في جامعة بغداد _

الدكتور السوري الرائع محمد الزغبي ، بأن هناك مستشرقا فرنسيا

أتقن لغة لبيد وحسان والفرزدق في بلده ، فأراد تطبيق ما أتقن

ميدانيا في البلاد العربية ، لينهل المزيد منها ألفاظا ونطقا ، فأشاروا

عليه بزيارة مصر ، أم الدنيا ، أكبر وأعظم الدول العربية معرفة

وحضارة وعلما ، نزل الرجل في مطار القاهرة ..وسأل بالعربية

الفصيحة أحد المارين أمامه : هل لك أن تدلني على مكان تواجد

عربات الأجرة ، لتقلني إحداها الى العاصمة ؟ فقال الرجل : عاوز

إيه .. عاوز ( تكسي ) ؟ قال له : نعم أريد تكسيا ، وحين سأل

السائق في الطريق : كيف لي أن أحصل على مكان جيد أنام فيه

وأستريح ؟ فأجابه السائق : إنته عاوز ( هوتيل ) تنام فيه ؟ في

هوتيل ( فايف ستار ) بس اشويه غالي ! ... وحين جلس المستشرق

في مطعم الهوتيل اُتيَ له بصحن من الشوربة ، فسأل متعمدا : ما اسم

هذا الأكل ؟ فقيل له : اسمو ( سوب ) فأخرج من جيبه قلما وورقة

وكتب الى زوجته في فرنسا البرقية الأتية : وصلتُ بلاد العرب ولم

أجد أحدا يتكلم العربية إلا زوجك العزيز !!

استأذنتُ أستاذنا الكبيرقائلا : يا دكتور إن

المستشرق هذا إنما التقى بأناس يتقنون اللهجة العامية والمسماة

بلغة الشارع أو لغة العوام كما عندنا في العراق ، وأن لكل

شعوب العالم لغتين كما تعرف ، لغة رسمية تـُستعمل في مخاطبات

الدوائر والكتب الرسمية ووسائل الإعلام ، ولغة عامية دارجة يمكن

أن يستهجن الناطقون بها كلامنا أنا وأنت إذا ما تكلمنا العربية

الفصيحة أمامهم ، فهل يعقل أن يكون هؤلاء من غير العرب ؟!

ثم ان الألفاظ الأجنبية التي سمعها ذلك المستشرق من الذين التقاهم

إنما هي ألفاظ دخيلة على اللغة العربية واللهجة معا لأسباب كثيرة

معروفة عند الجميع ، منها استعمار العرب من قبل غير العرب ،

واختلاط الناس عبرالتبادل التجاري ، والجورة الحدودية مع الدول
غير العربية وغيرها كثير ... وافقني أستاذي القدير على معظم

قولي وأردف قائلا : وأضيف لك شيئا مهما آخر هو أن الفجوة

الكبيرة بيننا وبين تداول الفاظنا العربية الأصيلة هي التي سمحت

لهذه المفردات الدخيلة لتنحشر في لغتنا ، لملء الفراغ الحاصل فيها

، فصار الناس يلفظون هذه البدائل للتعبير الملائم للمسميات ،

وكأنها جزء من لغتهم أو لهجتهم .

بعد مرور عشرة أعوام على هذا الحديث ، دُعيت الى ( المربد)

المهرجان الشعري السنوي الذي تقيمه وزارة التقافة والإعلام

العراقية في محافظة البصرة ، فوجدت أن معظم أكبر الأدباء

والشعراء العرب ، ومن مختلف الأقطار العربية وهم ينطقون حين

يقرأون قصائدهم ، حرف الجيم (كَِيما ) وحرف الضاد _الذي أخذنا

نحن العرب الإمتياز العالمي في نطقه فسُمينا بالناطقين بالضاد _

يلفظه أهل اللغة من الأدباء والشعراء (زادا) !! وإذا ما غلطوا في

نطق لفظة ما في شعرهم قالوا (sorry ) ! معتذرين لإخوانهم

العرب الجالسين في القاعة ! عندها عرفتُ مستنتجا أن من هذا

الجحر صارت تخرج على الناس الأفاعي التي تنفث سمومها على

أشداقنا فتشلّ قدرتنا على نطق ضادنا العريقة الصامدة عند بعضنا.