الموضوع: حب صغير كبير
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
8

المشاهدات
4007
 
جيان الشمري
من آل منابر ثقافية

جيان الشمري is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
32

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Jul 2012

الاقامة

رقم العضوية
11381
08-23-2012, 05:39 PM
المشاركة 1
08-23-2012, 05:39 PM
المشاركة 1
افتراضي حب صغير كبير
كانا يسكنان في نفس الشارع مذ كانا صغيرين .من بين جميع الأولاد أخذ مكانه الخاص جدا والحبيب في قلبها...كانا يلعبان سويا ...كل أبناء شارعهم...يتشاركون العابهم..يتبارون..يتخاصمون احيانا ..ولربما تضاربوا مرات عديدة لسبب تافه...يتهمون بعضهم بعضا بالغش في اللعب...تتعالى أصواتهم فوق بعضها وكأنها أحصنة تتسابق للوصول إلى خط النهاية...وأخيرا ينتهي الأمر بطريقتين لا ثالثة لهما ..إما بتدخل أحد الكبارلفض النزاع وطرد كل إلى بيته...وإما بمعركة حامية الوطيس..تختلط فيها الركلات بالصفعات...والدموع بالبصاق..وأحيانا تتدخل الأسلحة الخفيفة كالحصى وأنواع العصي صغيرها وكبيرها..فتنتج من تلك المعارك معارك أكبر بين الامهات..أسلحتها الالسنة ...وتظل القلوب تتاجج حقدا أياما ربما طالت ..وقد تقصر معظم الأحيان .لكنها برغم كل تلك الاحداث لاتذكر حدوث خصام بينهما في يوم ما.الحب والطاعة كانا حافز تصرفاتها معه.يأمرها..تطيع بلا تفكير ..الطاعة وكفى..ترى الكمال في كلامه ...أفعاله ..تصرفاته..ربما هو ليس بشرا كانت تخاطب نفسها أحيانا!..كم تحبه وترجو رضاه.وكبرا والحب كبر في قلبها...ومعه الطاعة العمياء..لا رابط رسميا بينهما لكنه يتصرف كما لو أنها ملكه...خطيبته..زوجته..هي من أعطاه الحق في أن يحكمها..لكن الحب كان دافعها لذلك.أرادت إكمال دراستها فاعترض قائلا :لا دراسة بعد شهادة السادس الابتدائي...كبرت..وصارت أعين الاولاد والشباب تتناهب جسمك عندما تمشين في الشارع..الزمي البيت.أطاعته بدون مناقشة..يسكن قلبها أمل فرح أنها ستكون في بيته يوما زوجا له وأما لأولاده.ذات مرة أرادت العمل في مشغل للخياطة قريب من البيت.نهرها بشدة قائلا:كل ما تريدينه هو الخروج والتسكع في الطرقات أيتها الحقيرة.أجابت بتوسل ورجاء:لا والله ولكنها فرصة عمل قريبة من البيت وتناسب وضعي وانت تعرف مهارتي في الخياطة فلم لا أستفيد ماديا من تلك المهارة؟ أجاب بغضب شديد وقد انتفخت أوداجه:كفى..كفى..لانقاش في هذا الموضوع قلت لا وكفى.أصبحت في الثالثة والعشرين ..تقدم لها العديد من شباب المحلة فقد كانت جميلة....رفضت الجميع!.كانت تحدق في المرآة بعيون سارحة..ماذا ينتظر ؟..أنهى الدراسة منذ ثلاث سنوات.حصل على عمل وضعه المادي جيد..البيت له لأنه وحيد أهله ولا يوجد معه سوى أمه..لماذا يسكت ويتجاهل موضوع زواجهما؟اخذ التساؤل والخوف يكبر في قلبها حتى كاد يضاهي بحجمه حجم حبها له.في صباح صيفي لمحته يهرول مسرعا إلى جهة ما..استغربت خروجه في تلك الساعة المبكرة فهو ما اعتاد الخروج مبكرا أيام العطلة.عاد بعد ساعتين في إحدى عربات النقل ..كادت تسقط مغشيا عليها من شدة الفرح وهي تنقل نظرها في الأثاث الموجود بالسيارة ..يا إلهي إنها غرفة نوم جديدة ...أخيرا الحلم سيصبح حقيقة..حلمها الذي ربته وراعته مذ كان صغيراحتى أصبح حلم حياتها..ما أسعدها اليوم.!.
.ماتت الفرحة في قلبها عندما جاءت وكالة أنباء المحلةفي اليوم التالي وأخذت في سرد أخبار المحلة على مسامع أمها ومسامعها..فسمعت الخبر الصاعق وهو ينزل على قلبها كما ينزل فأس الحطاب على شجرة فيجتث منها الحياة..انهارت ..حملوها للمستشفى...خرج الطبيب مدهوشا من غرفة الفحص ليخبرهم بموتها اثر سكتة قلبية..
ماتت ما إن سمعت خبرخطبته لإحدى زميلات دراسته وأنه أحبها عندما كانا في الكلية معا وبعد التخرج بقيت العلاقة بينهما..وأخيرا قررا الزواج...أكدت وكالة الانباء قائلة:طبعا يجب أن يرتبط بامرأة تناسبه وتوازيه وظيفة وثقافة لاأن يتزوج امرأة نصف جاهلة ..وجهت الجارة الكلام لها بكل وقاحة وبسخرية خفية:هذه الفتاة هي الأنسب له ولوضعه لا تحزني.....
رحل هو إلى عالم السعادة ..ورحلت هي إلى عالم الأموات.. ومات معها حب الطفولة والصبا ووماتت الذكريات...