عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
9

المشاهدات
4308
 
مطر ابراهيم
من آل منابر ثقافية

مطر ابراهيم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
406

+التقييم
0.08

تاريخ التسجيل
Feb 2011

الاقامة

رقم العضوية
9684
07-05-2011, 04:06 AM
المشاركة 1
07-05-2011, 04:06 AM
المشاركة 1
افتراضي دفتر خدمة العلم\قصّة قصيرة
دفتر خدمة العلم
05-07-2011

منذ بضعة أسابيع وزملائي في العمل لا حديث لهم إلّا تجديد دفتر خدمة العلم، وزيارة السفارة لعمل الإجراءات اللازمة.
قررت أخيراً وبعد تفكيرٍ طويل وتمحيصٍ كثير وتأمّلٍ عميق بأن أمتطي سيّارتي وأتوجه إلى سفارتنا في منطقة حيّ السفارات في مدينة الرياض.
وصلت السفارة بعد أن ضيّعت الطريق كالعادة لأنني شخصياً لا أزور السفارة إلا لأغراض تجديد الوثائق الرسمية. دخلت من خلال البوّابة الرئيسيّة فإذا بالضابط المناوب على البوّابة يرمقني بنظرة ترحيب غريبة شعرت أنها خليط من التشكيك والترحيب معاً..!
المهم "وشو بدكم بطولة السيرة"، توجهت إلى الداخل بعد أن سلّمت هاتفي النقّال المغلق جيّداً "مسكّر كويّس" للضابط المناوب.
في الداخل الوضع كما هو عليه منذ سنوات، موظّف الإستقبال لم يتغيّر ويبدو أنّه حصل على قلم حبر جديد من نوع "بِكْ" فقد كان يدوّره بين إصبعيه متفاخراً. لا تزال سلّة القمامة الصغيرة في نفس المكان، عامل النظافة فقط هو من تغيّر وبقيّة الموظفين هم هم ولربما زاد عددهم قليلاً.
سألت إحدى الموظّفات عن القسم الخاص بتجديد دفتر الخدمة، فقالت لي: "لازم تمشي مع الورق المكتوب على الحيطان" فهمت ما قالت وتوجهت إلى نقطة البداية التي حددتها بسبّاببتها حين أشارت إلى ناحية اليسار.
بدأت رحلتي إلى مكتب الملحق العسكري، أتبع الإشارات، مرّة إلى اليسار ومرّة إلى اليمين حتى انتهى بي المطاف في الطابق العوليّ لمبنى السفارة، تتبّعت الإشارات حسب كلام الموظّفة إلى أن أوصلتني إلى مكتب الملحق العسكري في السفارة!
لا أنكر أنّني كنت مرتبكاً بعض الشيء فهذا ليس بموظفٍ عاديّ، إنه ملحق عسكري، أي أنه يمثّل القيادة العامة للقوّات المسلّحة، إذا لا شكّ بأن الوضع سيكون مربك قليلاً وخصوصاً أنني نسيت أن أرتدي ربطة عنق أو حتى "جاكيت سبور".
كان مكتب الملحق العسكري مشرعاً ومتاحاً للجميع "يا الله ما هذا التواضع؟؟؟" دخلت المكتب بعد أن طرقت على حافة الباب، تفاجأت بل وصعقت من هول ما شاهدت!
كان طويل القامة يدخّن بشراهة حتّى أنّ أعقاب السجائر تقفُ في المنفضة وكأنها لا تجد مكاناً لها بعضها اكتمل احتراقه وبعضها الآخر لم يحترق نصفها حتى. يرتدي "بدلة كمّوني" وقميص "إصْفَرْ" وربطة عنق "خظرا زيتّاتي"، ولقد رحّب بي ترحيباً رائعاً حتى اعتقدت أنني قد أكون أحد قادة اللواء العسكري في منطقتي!!
قلت لهُ: صباح الخير سيدي
قال: صباح النور يا "شب"
قلت: سيدي بالنسبة لموضوع الدفتر يعني اذا في مجا...
قاطعني بضحكة صفراء قائلا: "يعني يا شب شايفني هون قاعد بفصفص بزر؟ اكيد في مجال اتفظّل اقعد"
كنت سعيداً بهذه الدعوة فالملحق العسكري بجلالة قدره يدعوني للجلوس في مكتبه! وسينهي اجراء تجديد دفتر الخدمة حالا ولن أحتاج لكي أنتظر طويلاً كما اعتدتُ في وطني! أخذت الأحلام تراودني في خيالي عن مستقبل الوطن الجميل الديمقراطي بنزاهة موظفيه وكوادره، لم يكتمل حلمي بعد حتى تلاشى بعد أن طلب منّي الإنتظار في الخارج بدلاً من الجلوس في مكتبه.
خرجت من المكتب وجلست على إخدى الأرائك المعدّة خصيصاً لإنتظار المراجعين، كنت المراجع الوحيد في ذلك الصباح الجميل، انتظرت نصف ساعه ولم ينادي عليّ أحد لأستلم دفتر الخدمة، بدأ المراجعون بالتوافد، أحدهم دخل على الملحق العسكري لتبدأ بعدها قهقهات وسلامات وضحكات و"نكت من الآخر" ليخرج المراجع الذي أحمل جواز سفر مثل جواز سفره وأعتبر مواطن مثله تماماً، ليخرج بدفتر الخدمة وقد تم تجديده بعون الله وهمّة ال"نشامى".
حقيقة شعرت بالملل حتى هممتُ بالدخول على الملحق العسكري في مكتبه الذي تحوّل إلى ديوان لآل "فلان"، بتجاذبون فيه أطراف الحديث ويستذكرون أيام الوطن الجميل وذكريات الطفولة ووو..
ما إن نهضتُ من على الأريكة حتى ناداني الملحق العسكري من الداخل: "يا فلااااااااااااااااااااااااان تفظّل خيّو". لم تسعني الفرحة فهرولت إلى مكتبه ودخلت عليه ليدعوني إلى الجلوس مرّة أخرى ولكن هذه المرّة في مكتبه الخاص لا في صالة انتظار المراجعين. وبدأ يسألني:
- انت عمرك رحت فلسطين؟
- نعم ولكن منذ زمن بعيد
- معك بطاقة جسور؟
- لا
- معك كرت اخظر؟
- لا
- بتعرف حدا بفلسطين؟
- نعم سيدي فأنا من أصول فلسطينية
- طيب وليش ما ترجع ع بلدك؟
- ان شاء الله يا سيدي ان شاء الله
ترخ ترخ ترخ ... هذا الصوت الذي بشّرني بانتهاء المهمّة وبهذا اكون قد أتممت مهمّة صعبة بتجديد دفتر خدمة العلم الذي لم أخدمهُ نظراً لانشغالي وغربتي عن الوطن.
قال لي مودّعاً: تفظّل يا شب وهاي جددنالك الدفتر دير بالك عليه "ها ها هاااااووووويييههههاااايييي" هذه ضحكته كما أتذكّرها ويالها من ضحكة أيها الأصدقاء.

إلى اللقاء ..
مطر