عرض مشاركة واحدة
قديم 05-06-2015, 01:22 PM
المشاركة 2001
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رسالتي الى ايتام العالم في كل مكان وزمان
رسالتي الى ايتام العالم في كل مكان وزمان

تحية صادقة وتهنئة حارة وبعد،

ربما تتوقعون ان ابدأ رسالتي هذه بعبارات العطف، والود، والشفقة، وان اندب حظي وحظكم، واذرف دموعي على مصابي ومصابكم، وما الت اليه حياتي وحياتكم، وكما اعتاد الناس ان يفعلوا منذ ازمان غابرة حين يتعاملون مع موضوعة اليتم والايتام.

لكن هذا لن يحصل هذه المرة، ولذلك أسبابي التي انا بصدد شرحها لكم في رسالتي هذه، رغم انني، طبعا وحتما، لا اقلل ابدا من فداحة مصابكم وعمق جراحكم الناتجة عن فقدان اعز الناس وأقربهم اليكم، بل وامتدادكم البيولوجي الذي يعد أعظم محنة واشد مصيبة يمر بها الانسان على الاطلاق، وقد ذقت شخصيا من معين مراراتها مثلكم واحترقت اصابعي بلهيب نارها.

فهناك ادلة قاطعة ان كل تجربة فقد، وعلى رأسها فقدان الوالدين طبعا، تكون عادة متبوعة بأمواج عاتية من الحزن والالم، تصيب من يمر بتجربة الفقد تلك بالضرورة، فتزلزل كيانه، وربما تتسبب له في فقدان توازنه، وقد تغرقه في بحر عميق من الكآبة لا شاطي له، ولا مرفأ، ولا ميناء، وقد يغرق في ظلمات لا نجاة منها.

لكنني اريد ان ابشركم واهنئكم في الواقع، لان الأدلة الأخرى التي أصبحت جاهزة لدينا، وبين أيدينا، والتي توصلت اليها الدراسات الحديثة، وعلى رأسها دراستي التي تبحث بإسهاب العلاقة بين اليتم والعبقرية، تشير أيضا وتؤكد، وبما لا يدع مجالا للشك، وبادلة احصائية تتعدى عامل الصدفة، بان ما يعتبر أعظم محنة في الوجود، انما هو في الواقع، وفي نفس الوقت أعظم منحة، ومعين لا ينضب ابدا من الطاقة، ومصدر لا متناهي للإنجاز الإبداعي والعبقري.

وان موجات الحزن والكآبة التي يمكن ان تنتج عن مصاب الفقد فتدمر وتغرق الانسان في بحور الكآبة، والتيه، والمرض النفسي، وفقدان التوازن، انما هي في الواقع مصدر لا محدود ولا متناهي من الطاقة، التي تتوفر للإنسان المصاب بمثل مصيبة ومحنة الفقد تلك وتنتج عنه، ويكون مقر هذه الطاقة اللامحدودة ثنايا الدماغ.

ويلاحظ ان من يتقن ركوب موجات الحزن والكآبة تلك، بدلا ان يكون يترك نفسه ضحية لها، ويعرف كيف يستثمر تلك الطاقات المتفجرة في دماغه، ويسخرها بصورة إيجابية، وفاعلة انما يمكنه ان يصل الى اعلى القمم، والمراتب، ويحقق أعظم الإنجازات الإبداعية والعبقرية في كل المجالات...

يتبع،،،