الموضوع: أحجية المطر
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
3732
 
موسى الثنيان
من آل منابر ثقافية

موسى الثنيان is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
26

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Jun 2012

الاقامة

رقم العضوية
11222
07-31-2012, 03:06 AM
المشاركة 1
07-31-2012, 03:06 AM
المشاركة 1
افتراضي أحجية المطر
أحجية المطر


كلما هطل المطر صعدتُ مسرعة إلى غرفة ولدي في الطابق العلوي ، قالوا لي أنه مات و هو يدافع عن أرضه وكرامته لكنني أنتظر قدومه مع كل لحظة أو قطرة مطر ، أضع على الطاولة كوبين من القهوة ، وما هي إلا لحظات و يأتي ولدي آخذه إلى صدري أتشبث بجسده مخافة أن يهرب مع قطرات المطر ،أقبله بلهفة...قلت: لا تذهب يا بني ، على الأقل حتى تأتي أختك وتراك فهي لا تصدق أنك تأتي مع المطر وتتهمني بالتوهم والمرض ! قال : لن تراني. قالها بجزم قاطع ثم قال : لن يكتمل عرس دمي ويورق الربيع إلا بعد أن تعود الكرامة والحقوق لأهلها ، بعد قليل صعدت ابنتي إلي كعادتها ألحظ في وجهها الشفقة علي ، أحيانا تبكي وهي تمسح بقايا القهوة الذي تركته على الطاولة وتلملم أوراقي التي نسجتُ فيها أشعاري الممزوجة بالدموع ... أشفق عليها أكثر مما تشفق عليّ ، حاولت إقناعي غير مرة قالت : ولم مع المطر؟! قلت : لأنه يروي الأرض والنخل والقمح. قالت محاولة تفنيد فكرتي : وفي الصيف!! قلت : ينمو مع الرطب. ملأت جدران البيت بصور ولدي ، مؤطرة بإطار مليء بالزهور ومكتوب على شريط أسود ( شهيد) لكنّ هذا لم يجد نفعا من قتل ابني في خلدي..
ذات يوم ماطر كعادتي في غرفة ولدي مشرعة بالنافذة التي تطل على شجرة الليمون ، كان هناك عصفورة تحض بيضها رغم المطر وبرودة الطقس ، شاهدت ولدي أكثر من مرة يرقب تفريخ بيضها...صعدت لي ابنتي لاحظتُ في تقاسيم وجهها ظلاما تنفر منه حتى الخفافيش، قالت لي برجاء: متى تُفيقين يا أمي ؟.كأني لم أسمع حديثا قلت: كان عندي هنا وأخبرني أن البيض سيقفس بعد ساعة ، نظرت إلي ، شعرت أنها تود تصديقي كما وأنها سئمت وحدتها وتود العيش في خيالاتي ، ترقبت البيض بإصرار غريب ،أفرخ البيض منشقا من ذلك العالم الصغير، تكاد عيناها تقفز من محجريها من فرط الدهشة،ارتمت على صدري وهي تجهش بالبكاء ، أدركت من حينها أن بدأت تفهم الحقيقة ولكني لا أظن أنها ستراها ...