الموضوع: عهد
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-12-2014, 02:07 PM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
هي حتما سرد جيمل للغاية لكن بنفس روائي وربما تكون جزء من رواية اصلا ففيها الكثير من التفاصيل كما في الفقرة ادناه التي غالبا ما يقفز عنها كاتب القصة القصيرة والتي تتطلب الشد والتكثيف، لكن الاسلوب مدهش وجميل للغاية.

"فى تلك اللحظات كانت حبيبته تتبسم منشرحة, غارقة فى النشوة, تخطو فى اتجاه باب غرفتها وهى واثقة, لكنها فجأة آبت واتجهت نحو المرآة. نظرت الى الكحل الذين يزين عينيها الواسعتين الحلوتين, ثم ادارت وجهها المستدير الجذاب فى كل الاتجاهات. عدلت من وضع فستانها الفضفاض وهزت جسمها الممتلئ. تبسمت مرة اخرى حينما تذكرت اطراء اخواتها وتوكيدهن على اختيارها للفستان البيج الفاتح والشال والصندل الذهبى والاكسسوارات, وكذلك هزلهن الكثير الذى جعلها تتأخر عن المواعيد. شدت فستانها على جسمها لكى تتأكد من انها مازالت محافظة على وزنها. ومع انها كان تعلم انه يعشق كل ضلع فى حديقتها الغناء, ويحب بدانتها بلا تحفظ, الا انها كانت تخشى من الافراط فى السمنة. اخيراً لممت حاجاتها وازمعت على الخروج. هزت جسمها من جديد ولم تنس ان تغازل تلك التى خلف المرآة. ولانها قامت بحركة منفلتة, فقد وضعت يدها على فمها حتى تقمع الضحكة الوليدة".

اما في الفقرة التالية فيبدو اننا نسمع صوت الكاتب الذي يتدخل بشكل مباشر وكأنه يريد ان يوصل لنا موعظة وحكمة، وربما كان الاجدر قول ما قيل على لسان بطل النص كدزء من الحوار او باضافة ما يشير الى ان المتحدث في بطل النص:
" ليس كل ما نخفيه هو شئ ممهور على انه سر يجب الكشف عنه. واحياناً ذكر الوقائع بعيدا عن السياق الذى حدثت فيه قد ياتى بنتائج غير عادلة. وقد يكون تغاضينا عن الاشياء الصغيرة محمدة نجنى ثمارها ولو بعد حين. والحبيبة تضجرت لكن صبرها لم ينفذ, ربما لحكمة تعلمها هى. لكن على اية حال فان الزمن المتبقى لم يسمح لهما بفعل الكثير" .

محمد مهاجر صاحب قلم سردي جميل وغزير، وصاحب نفس طويل، وكتابته بالادهاش وهو يعرف كيف يزرع التشويق في نفس المتلقي كما يظهر هنا في عتبة البداية فهو حينما تحدث عن زرع الطمأنينة قام بالفعل بزرع التشويق في نفس المتلقي ويندفع ليعرف سر تلك المحاولة لزرع الطمأنينية.

"المسافة التى قطعها بين محطة الحافلات والمكان الذى يجلس عليه, قصيرة جداً, ومع ذلك شعر بوطأة الارهاق وان اوصاله تكاد تتقطع. وعزا الارهاق الشديد الى الحقيبة الثقيلة التى كان يحملها على ظهره. لكنه فى قرارة نفسه كان يدرك بانه يحاول زرع الطمأنينة, لان الذى يشغله اكبر من ذلك. خلع الجزمة الانيقة وضغط على رجليه ثم نظر اليها نظرة حنق عارم. اخرج منديله الابيض فجفف به العرق الكثير الذى سال على وجهه ويديه وقشرة رأسه.وشرب الكثير من الماء راجياً ان ينجح فى اطفاء ظمأ شوقه ونار القلق المضطرمة".

طبعا من مميزات القصة القصيرة الاهم النهاية المزلزلة ولحظة الانقلاب ولكنني لم المسها هنا في النص.