عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2010, 12:43 PM
المشاركة 35
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
د-المتنبي والقلق الوجودي :
نفس المصدر السابق

لقد توصل اليوسف إلى أن سر صمود شعر المتنبي يكمن في تجذره في عصره، وانه استطاع أن يعكس العصر بكل تناقضاته، غير أن السؤال الذي يطرح في هذا السياق، هو هل خلود الشعر رهين بانعكاس العصر الذي قيل فيه ؟ أم هو مرتبط برصد الأسئلة الوجودية المقلقة ؟
إن شروط تلقي الشعر التي تضمن له الاستمرارية لا تنحصر فقط في هذه الرؤية الانعكاسية، بل لابد من التماس أسباب أخرى تحمي الشعر من الاندثار والنسيان، وتجعله قادرا على استنفار أجهزة التلقي عند القراء المفترضين. لهذا السبب، راح اليوسف يبحث عن سبب آخر له من المعقولية ما يكفي للبرهنة على هذا الذيوع الذي اربك النقاد القدامى والمحدثين، وسيحاول اليوسف أن يضع مبضع تحليله على أهم هذه الأسباب " إنه القلق الوجودي، أي الإحساس بوطأة الصراع الداخلي بين الوجود والعدم"، ما يلاحظ على هذا التفسير هو أنه يمتح من الحقل الفلسفي الوجودي الذي تبلور على يد مجموعة من الفلاسفة كهيدجر وسارتر ، بالرغم من أن اليوسف لا يحيل في دراسته على مرجعياته، فإن لغته الواصفة تكشف عن طبيعة هذه المرجعيات، فمصطلح القلق الوجودي والكينونة والوجود والعدم هي مصطلحات قادمة من الحقل الفلسفي الوجودي الذي يحيل إلى علاقة الكائن في العالم.
إن عذا الإحساس العميق بالحياة، وبوطأة الصراع الداخلي، مكنا المتنبي من التعبير عن الصراع الداخلي لدى الإنسان بين الوجود والعدم، وقد يكون هذا السبب جزءا من تفسير معقول لإعجاب الناس بشاعر الكوفة طوال هذه الأزمنة، ولقد ألمح القاضي الفاضل إلى هذا المعنى، قال ضياء الدين بن الأثير في كتاب " الوشي المرقوم " : " وكنت قد سافرت إلى مصر سنة ست وتسعين وخمسمائة ، ورأيت الناس مكبين على شعر أبى الطيب المتنبي دون غيره، فسألت جماعة من أدبائها عن سبب ذلك وقلت : إن كان لأن أبا الطيب دخل مصر فقد دخلها قبله من هو مقدم عليه وهو أبو نواس الحسن بن هاني، فلم يذكروا لي في هذا شيئا ثم إني فاوضت عبد الرحيم بن علي البـيساني (القاضي الفاضل )، رحمه الله فقال لي ' إن أبا الطيب ينطق عن خواطر الناس '. ولقد صدق فيما قال ".