عرض مشاركة واحدة
قديم 05-18-2012, 02:26 PM
المشاركة 584
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تلك كانت هي العتبات الأولى التي خطوت فيها الى عالم الأدب الذي اختلط عندي بالكتب الفلسفية والثقافية العامة، فما أكاد أنهي كتاباً حتى اقرأ الآخر. واذكر أن أستاذي المرحوم (شاكر مصطفى) وأنا في الصف العاشر انتزع من يدي كتاباً فلسفياً قائلاً لي: "هذا كثير عليك.. اكتبي بدل أن تقرأي". فبدأت بكتابة القصة القصيرة دون أي توجيه الى تكنيك القصة، وكانت ملاحظات أستاذي (شاكر مصطفى) هي الدليل والمرشد لي في هذا الجنس الأدبي، ولا تزال هذه البدايات في أدراجي مع تعليقات أساتذتي (شاكر مصطفى)، و(شكري فيصل) خاصة.‏

أما في صف الشهادة الثانوية فقد نشرت لي أول قصة في مجلة لبنانية وكانت بعنوان: (شبح أم)، ولم أصدق أن اسمي هو الذي يفتتح هذه القصة مع عبارات ثناء جميلة تقول: "نتمنى لهذه الأنامل البارعة أن تستمر في العطاء". وأذكر أن كان لمثيلة هذه القصة أيضاً (دمية العيد) حظ في أن تنال جائزة أفضل قصة قصيرة في المسابقة التي أقامتها هيئة الإذاعة البريطانية BBC.‏
أما سنوات الجامعة فتلك لها حديث آخر، حديث التمرد على التقاليد والمناداة بحرية المرأة من خلال وجوب تعليمها كي تأخذ فرصتها الحقيقية في الحياة. هذه الرؤى والأفكار كانت تأخذ طريقها الى النور عبر صفحات المجلة الجامعية لطلاب كلية الآداب التي انتسبت إليها لقسم اللغة العربية، وكانت تنشر لي تحت اسم مستعار هو (رائدة النبع)، إلا أن اسماً آخر أطلقه البعض علي والتصق بي وهو (المتمردة الذهبية)، وبعد فترة قصيرة لم يعد خافياً على أحد أن المتمردة الذهبية هذه هي رائدة النبع. وأذكر أن أحد أساتذتي آنذاك في المعهد العالي للمعلمين الدكتور (أمجد طرابلسي) قال لي ذات مرة وبعد أن أخذت كتاباتي الأدبية تزدهر: "نحن لا نريد أدباء ولكننا نريد مدرسين للغة العربية"، ولعله لم يكن ليدرك نسيج شخصيتي الحقيقي بأن التعليم والكتابة كانا عندي فَرسان لعربة واحدة. وما كان مني بعد سنوات عدة إلا أن أهدي أستاذي هذا أوراقاً كتبتها تحمل عنوان: "أوراق من دفتر التدريس" نشرت مسلسلة في مجلة (صوت المعلمين)، وأقول في إهدائها: "الى أستاذي وصديقي فيما بعد الذي قال لي نحن لا نريد أدباء بل مدرسين".‏