عرض مشاركة واحدة
قديم 10-19-2020, 08:58 PM
المشاركة 2217
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال

.... أَسْرَعُ مِنَ العَيْرِ ....


قالوا : إن العَيْرَ ههنا إنسان العين ، سمي عيراً
لنتوِّهِ ، ومن هذا قولهم في المثل الآخر " جاء
فلان قبل عَيْر وما جرى " يريدون به السرعة،
أي قبل لحظة العين ، قال تأبط شراً :

ونَارٍ قد حَضَأْتُ بُعَيْدَ وَهْنٍ
بِدَارٍ مَا أَرَدْتُ بِهَا مُقَامَا

سِوَى تَحْلِيلِ رَاحِلَةٍ وعَيْرٍ
أكَالِئُهُ مَخَافَةَ أنْ يَنَامَا


ويروى " أغالبه " وقوله " حضأت " أي
أوقدت ، ومما يجري هذا المجرى قول الحارث
بن حِلِّزَةَ :

زَعَمُوا أنَّ كُلَّ مَنْ ضَرَبَ العَيْـ
ـرَ مَوَالٍ لَنَا وأنَّا الوَلَاءُ

قالوا : معنى قوله " كل من ضرب العير " أي كل
من ضرب بجَفْنٍ على عين ، وهذا قول الخليل بن
أحمد في كتاب العين ، وحكى أبو حاتم عن أبي
عبيدة والأصمعي عن أبي عمرو بن العَلَاء أنه قال :
ذهب مَنْ كان يُحْسِنُ تَفسيرَ هذا البيت ، وقال قوم:
العيرُ السيد ، وعنى به ههنا كليب وائل ، سماه عيراً
لأن كل ما أشرف من عَظْم الرجل يسمى عَيْراً ، فلما
كان كليب أشرفَ قومِهِ سمّاه عَيْراً ، وزعم آخرون
ممن العيرُ عندهم السيدُ أن السيد إنما سمي عَيْراً على
التشبيه ، لأن العير قَيِّم الأُتُنِ وقَريعُها ، وقال آخرون:
معنى قوله " زعموا أن كل من ضرب العير مُوَالٍ لنا "
أن العربَ ضربت العيرَ في أمثالها من وجوه كثيرة ،
فقالوا " أقبل عير وما جرى " و " العير يضرط والمكواة
في النار " و " كذب العير وإن كان برح " فيقول هذا
الشاعر : إن العربَ كلها قد ضربت العيرَ مثلاً ، وكُلُّ
من جنى عليكم من العرب ألزمتمونا ذَنْبَهُ ، وقال بعضهم :
إن هذا الشاعر عَنَى بقوله العير الوتد ، سماه عيراً لنتوئه
مثل عير النصل ، وهو الناتئ في وسطه ، وذلك أن
العرب كلها تضرب لبيوتها أوتاداً فيقول : كل من ضرب
لبيته وَتِداً ألزمتمونا ذنبه ، وقال بعضهم : العير جبل
معروف ، ومعنى قوله ضرب العير أي ضرب في عير
وتد الخيمة ؛ فيقول : كل من سكن ناحيةَ عيرٍ ألزمتمونا
ما يجنيه عليكم ، وجاء في الحديث أن عَيْراً يسير في
آخر الزمان إلى موضع كذا ثم يسير أحُد بعده ، فَيُرَاع
الناسُ فيقولون : سار أحد كما سار عير ، وقال قوم :
عنى بقوله كل من ضرب العير إيادا ، أي أنهم أصحاب
حمير ، وقال آخرون : بل عنى به المنذر بن ماء السماء
لأن شمراً قتله يوم عين أباغ ، وشمر حنفي من ربيعة فهو
منهم ، وقال آخرون : المعنى أن العرب تضرب الأخْبِيَة
لأنفسها والمضاربَ لملوكها ، والمضارب إنما ترتبط بالأوتاد،
فيقول : إن كل من تُضرب له المضاربُ لنا خَوَل وعَبِيد ،
قال أبو حاتم : قد أكثر الناسُ في هذا ، وليس شيء
منه بمُقْنِع ، وإنما أصل العَيْر العَيِّرُ والعَائِر ، فأحوجه
الشعر واضطره إلى أن قال العَيْر ، والعَيْر والعَيِّرُ والعائر
كلها هو ما ظَهَرَ على الحَوْضِ من قَذًى ، فإذا أرادوا أن
ينفوا عنه ما عارضه من القذى نَضَحوه بالماء ، فانتفت
الأقذاء عنه إلى جُدْرَان الحوض وصَفَا الماء لشاربه ؛
فالعربُ أصحاب حِياض ، وهذا فعلُهم بها ، فيقول هذا
الشاعر : إن إخواننا من بكر بن وائل ، زعموا أن كل
من قَرَى في الحِياض ونَفَى عن مائها مَوَالٍ لنا وأن لنا
الولاء عليهم .