عرض مشاركة واحدة
قديم 01-17-2011, 11:32 PM
المشاركة 21
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي




* فلسفات الاختلاف، التأويلية والتفكيكية، والعدمية
في السياق التالي سنطرح نماذج للفلسفات التي أثارت جدلا في الأوساط العلمية والأدبية كي نقترب من منهجيتها ..
بدأ القرن العشرون في فاتحته نيتشوياً مع »زرادشت« وانتهى نيتشوياً بامتياز، مع فلسفات الاختلاف، التأويلية والتفكيكية، والعدمية، وتيبولوجية القيمة وإرادة القوة.
ولعل دعوة نيتشه في كتابه اEccehomoب »أقول لكم إنني أنشر هذا الكتاب لأمنع الناس من أن يسيئوا إليّ، فأنا لا أريد أن أكون مقدسا«
تشبه صرخة ماركس الشهيرة »أنا لست ماركسيا«، في اعتراضهما على »النيتشوية« و»الماركسية«.
وميزة فريدريك نيتشه، في قلبه لكل القيم، أنه رفض الصنمية، ونادى »بأفول الأصنام«، فالإنسان الكامل عند نيتشه هو الإنسان الأعلى الذي يجد ذاته بذاته، ويعرف نفسه كسيد لذاته. و»زرادشت« نيتشه لا يفرض تعاليمه على الناس، وأحب الأمور الى قلبه أن يقول لكل إنسان »كن ذاتك« ولا تترك ذاتك إلا لذاتك، وهو يدعو الى اكتشاف الإنسان الأعلى في ذوات البشر أنفسهم »ماذا؟ أتسعى الى أن تتضاعف عشر مرات، مئة مرة؟ أتبحث عن مريدين؟ فتش إذن عن أصفار!« (هذا ما يقوله نيتشه في كتابه »أفول الأصنام«). وهذا ما يقوله في أبيات شعرية أخرى بعنوان »اتبع نفسك تتبعني« في كتابه »العلم المرح«:
هل تتبعني وتأتي ورائي
مُغْوىً بأسلوبي واتجاهي
اتبع نفسك بإخلاص متأنيا
وبهذا فإنك تتبعني..
شجرة المعرفة ليست شجرة الحياة« كما يقول اللورد بايرون، ولأن اليقين أخطر من الكذب في ازاء الحقيقة.
يغلّب نيتشه في فلسفة الحياة الأرضية وأخلاقية الغبطة والمتعة الموقف الانطولوجي على الموقف الابستمولوجي، فيرفض النسقية والتمركز اللوغوقراطي (العقلاطي)، ويميز عالم الحق من عالم الحقيقة، أو بالأحرى حقيقة العالم، ويجرد الأخلاق من أخلاقية الخطيئة والتقليد والعادة.
وقد تناول الفكر العربي الكلاسيكي في مباحثه حول الوحدة والكثرة مسألة الاختلاف في مقالاته ومقولاته (الواحد والوحدة، والمختلف والمؤتلف، والهوية والغيرية، والأيس والليس، والحق والحقيقة) في المنطق، والكلام وعلم الأصول، والتصوف، والأدب. كقول أبي حيان التوحيدي »إعرف حقائق الأمور بالتشابه فإن الحق واحد ولا تستفزك الأسماء وإن اختلفت«. أو كقول النفري »كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة«. وكذلك إشكالية الحق والحقيقة، والناسوت واللاهوت، والحق والخلق، والظاهر والباطن الخ. إلا أن فلسفة الاختلاف الأنطولوجي بمعناه النسقي وإن كانت تدعي أنها فلسفة لا نسقية، لن تظهر إلا في العصور الحديثة.
وحب الحياة والمصير الأرضي، والدفاع عن العالم المحسوس ضد العالم الآخر، هي القضية التي آمن بها نيتشه حتى الثمالة. وقد غالى في هذا الأمرر حتى رفض روح الأخلاق والعلم والفلسفة والعقل..
ويلوح لنا أول هجوم ضد سقراط في كتابه »ميلاد التراجيديا«، وهو يهاجم في الحقيقة العقلية »المنطقية«، »النسقية«، والصورية، (العقلانية السقراطية) التي يرى فيها عقلانية صنمية، كابحة للغريزة لحساب العقل والفضيلة. يقول: هل يمكن لحمار أن يكون تراجيدياً؟... أن يهلك تحت ثقل لا يمكن حمله ولا الإلقاء به؟..
وموقف نيتشه من سقراط، كمواقفه الأخرى الكثيرة، تنضح بالسادية، فسقراط كان ينتمي بنظره، بالولادة، الى أكثر الدهماء دونية، كان منحرفا، وهجينا، ودميما، حتى قال غريب، خبير بالفراسة، لسقراط، مباشرة، إنه قبيح أو إنه ينطوي على أقبح العيوب وأسوأ الشهوات. وقد اكتفى سقراط بأن أجاب: »لشد ما تعرفني جيدا!« ألا ينم موقف نيتشه من سقراط عن أخلاقية الغل والضغينة أيضا؟!
هل كانت سخرية سقراط تعبيراً عن تمرد، كلا يقول نيتشه بل هي تعبير عن ضغينة عامية (أفول الأصنام). والسؤال المطروح،
ألم يدع سقراط الى معرفة الذات (إعرف نفسك)، وألم ينطوِ موقفه من المعرفة السلبية (المايوتيكية) على موقف ما لا يعترف فيه نيتشه لسقراط بحق الاختلاف؟
ومن جهة ثانية، ألم يكن ثمة حاجة ملحة للمفهوم والماهية التي تتعين بها المعرفة قديما وحديثا، وهل يلغي الشعر العلم، والغبطة الأخلاق (بمعناها العلماني، والوجودي)
بقلم : وحيد
http://www.jazan4u.com/vb/showthread.php?t=9978