عرض مشاركة واحدة
قديم 09-10-2011, 11:56 AM
المشاركة 7
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
قراءة في قصيدة " إلى البحرِ أطوِي كُلَّ مَوجٍ..." للشاعر عبد اللطيف غسري:


يََخُبُّ حِصَانُ الشَّمسِ والظلُّ واقِفُ = وَأنتَ علىتشْذِيبِ حُلْمِكَ عَاكِفُ

تعالوا نستكشف معا أعماق هذه القصيدة الجميلة!!!!

الأغلب أن الشاعر يخاطب ذاته هنا إذ يقول: ألا ترى بأن حصان الشمس، وفي هذا تشخيص للشمس..أي جعلها كائن حي مثل حصان، تعدو باندفاع شديد؟ وفي ذلك كناية عن سرعة حركة الزمان... وكأن الشاعر يقول ألا ترى يا صاحبي بأن الشمس تهرول مسرعة في السماء فيمر الزمن بسرعة فائقة...بينما أنت واقفٌ في مكانك لا تتحرك، وغير مدرك أو منتبه لسرعة مرور الزمن والوقت، ودليل الشاعر على ذلك أن ظله واقف لا يتحرك.

ويضيف الشاعر أيضا محذرا أو معاتبا أو منبها ذاته بقوله... وبدلا من أن تندفع لتستفيد من الوقت وتلحق بحصان الشمس الذي يعدو ويخب مسرعا أنت تقف هناك تداعب حلمك وتعكف على تشذيبه.

وكأن الشاعر يقول لنفسه ايضا تذكر يا صاحبي أن "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك" لكنه يقولها من خلال صورة شعرية بالغة الجمال والتأثير وبلغة غاية في التأثير وبأسلوب ساحر... حيث يصور الشمس الجامدة، والحارقة، والبعيدة جدا في كبد السماء...بحصان جميل يخب مسرعا باندفاع... بينما أنت تقف مداعبا حلمك ومشذبا له غير مدرك لسرعة مرور الوقت!

وكأن الشاعر يدعو نفسه للانتباه لسرعة مرور الوقت ويحثها على أن تتجاوز مرحلة الأحلام وتنتقل إلى العمل.

ونجد أن الشاعر يُسخر هنا أهم عنصرين من عناصر الجمال والتأثير على ذهن المتلقي وهما:

- الحركة المتمثلة في حركة الحصان الذي يخب مندفعا في كبد السماء...مما يجعل النص ينبض بالحيوية والحركة والحياة.

- التضاد والمتمثلة في حركة الشمس مقابل وقوف ذات الشاعر، إضافة إلى الشمس والظل...والمعروف أن تسخير التضاد هو أكثر العناصر تأثيرا على عقل المتلقي.

ثم هناك عنصر الحوار الذي يخلقه الشاعر من خلال تجريد شخص من ذاته ليخاطبه ويعاتبه وينبهه بأن الزمن يمر بينما هو يقف هناك يداعب حلمه.

وإذا أضفنا إلى كل تلك العناصر صورة الحصان الذهنية وما يرتبط بها تراثيا في ذهن المتلقي...ذلك الحصان الذي يخب مسرعا في كبد السماء، نجد أن تلك الصورة تستحضر في ذهن المتلقي كل ما يرتبط بالحصان من جمال، وقوة، وعنفوان، وخير الخ....فالخيل مقعود بنواصيها الخير إلى يوم ألقيامه....حتى اننا نكاد نرى حصان المتنبي والذي خلده في اشعار كثيره...

وعليه نجد أن هذا البيت من الشعر لوحده يقول الكثير جدا...وهو حتما بالغ التأثير والجمال...حد السِحر.


يتبع،،