عرض مشاركة واحدة
قديم 09-25-2010, 01:24 AM
المشاركة 92
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



* يا مغيث أغثني ..
زمهرير قارص .. وقطرات من الغيث تنهمر على محياه الواجم , يرفع رأسه إلى السماء , ويوزع نظرات تائهة على ركام السحب ,
كان المدى قد أظلم بمجئ الغيوم الرمادية التي حطت على جبين الأفق فبدت الشمس وكأنها قطعة من الجمر تتوارى وراء ستائر الغمام ,
أعاد البصر خاسئآ حسيرآ , ثم سرعان مارفعه الى الأعلى , كان قلبه يرتفع إلى السماوات محلقآ بين أرجاء الكون .. كان يلهث وجده ..وأنفاسه .. وحتى ذكرى حلمه ,
قلبه الآن يتوقف هنيهة عند مشارف العرش .. ينظر في مدن خياله إلى تلك الأنوار العجيبة .. إلى زحام ودوي وهمهمة تسبيح وتهليل ..
هيبة المشهد أثارت الرعب في نفسه , ففكر أن يقفل عائدآ .. ولكنه بدلا من ذلك خر صعقآ وسجد أمام الكرسي .. أغرورقت أحداقه بالبكاء .. تذكر الغيث .. فهتف :
- يا مغيث أغثني
اشرأب عنقه من جديد ينظر إلى الظلام الذي هيمن على الأفق . كانت قطرات المطر تمتزج مع عبراته في سيل عجيب على طرقات وجهه ..,
شعر بمرارة في حلقه فابتلع ريقه وهمس : يا مغيث أغثني ..
عاد بذاكرته إلى الوراء .. إلى أيام كان يقضي أوقاتها منكمشآ بين الكتب والمراجع .. أو متسمرآ أمام شاشة الحاسوب ..
يذكر جيدآ أنه بذل الجهد والسبب ..وأنه لم يتوانى في دراسته ولم يتخاذل ,
أجل .. لقد عمل وأتقن عمله .. فلم عليه أن يستمع إلى هواجسه الآن .. لما لا يتوكأ على إيمانه .. فلكل مجتهد نصيب ..
- يا مغيث أغثني ..
غدآ هو موعده مع المصبر .. غدآ صباحآ سوف يأتيه الخبر إما بالبشرى أو ... ينفض رأسه من أشباح الهزيمة ويتمتم :
- يا مغيث أغثني ..
فجأة يعلو رنين ملح لهاتفه , فيسرع إلى حجرته يجيبه .. نظر إلى الرقم وقال لاهثآ :
أهلآ يافيصل ..
صمت قليلآ يستمع . حتى أخذ وجهه شكل الذهول والفرح والبكاء , خليط عجيب من المشاعر اكتنفه فصاح :
- هل أنت متأكد ياصديقي ؟
ضحك وقال : أنا أصدقك بالطبع .. نعم حسنآ .. لا لم أنسى وعدي .. الليلة عشاؤك على حسابي ..
رمى الهاتف من يده وقام يرقص طربآ في أرجاء المكان , هتف وهو يحتضن حلمه القادم :
- أخيرآ سوف أصبح الفلكي العظيم ..
ونظر إلى جداران حجرته يبحث عن مساحة يضع فيها اللوحة المضيئة .. فتوقفت أحداقه على مساحة مناسبة .. فقال هامسآ :
نعم .. هنا سيكون مكانك ياشهادتي العزيزة ..
وأضاف يحلق مع الحلم في حدائق الزمان :
- وبعد سنوات قليلة ان شاءالله .. سألحق بك شهادة الدكتوراه ..
ثم تذكر أهله .. أمه .. أبوه ..أخوته .. فغادر الحجرة بسرعة .. وهبط الدرجات يزف الفرح إلى ذويه ..
فقد نال للتو شهادة " الماجستير " في علوم الفلك ..ويجب أن يفخر الجميع به ..