عرض مشاركة واحدة
قديم 12-05-2010, 12:22 AM
المشاركة 15
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


* ما هي حقيقة الفلسفة ؟
بهذا ا لسؤال نمس موضوعا واسعا جدا، موضوعا مترامي الأطراف، ولأن الموضوع واسع فقد بقي بغير تحديد، ولأنه بغير تحديد ففي مقدورنا أن نتناوله من خلال أكثر وجهات النظر اختلافا. ومع ذلك فسوف نعثر دائما على شيء من الحق. ولكن بما أن الآراء الممكنة كلها، في تناول هذا الموضوع المتشعب الأطراف - متداخل بعضها في بعض، فنحن على شفا الوقوع في خطر يفتقد معه حديثنا إلى الإحكام اللازم.
من أجل ذلك يجب أن نحاول تحديد السؤال على نحو أدق. فبهذه الطريقة نوجه الحديث وجهة محددة، وسيسير تبعا لذلك على طريق واحد. أقول على طريق واحد، لأننا نسلم - ونحن على يقين - بأن هذا الطريق ما هو بالطريق الوحيد. والواقع أن ثمة مشكلة لا بد أن تبقى قائمة، وهي ما إذا كان الطريق الذي أود تخطيطه هو في الحقيقة الطريق الذي يتيح لنا أن نضع السؤال، وأن نجيب عنه.
ولنفترض الآن بأننا استطعنا العثور على طريق يؤدي بنا إلى تحديد أدق للسؤال، عندها يظهر على الفور اعتراض خطير ضد موضوع حديثنا وهو أننا عندما نسأل ما هذا - الفلسفة، فنحن نتكلم عن الفلسفة. وتساؤلنا بهذه الطريقة يضعنا - بشكل واضح - في موقف عال على الفلسفة، أي بمعزل عنها. بينما الهدف من سؤالنا هو أن ندخل في الفلسفة، وأن نقيم فيها ، فنسلك وفق طريقتها، أي أن نتفلسف ، لذلك يتحتم على الطريق الذي تسير فيه أحاديثنا ألا يكون واضح الاتجاه فحسب ، بل لابد لهذا الاتجاه أن يعطينا في نفس الوقت الضمان بأننا نتحرك .داخل الفلسفة ، لا أن ندور من الخارج حولها(...).
سؤال : ما الفلسفة ؟ هذا السؤال قد أجاب عنه أرسطو. وعلى هذا فحديثنا لم يعد ضروريا. إنه منته قبل أن يبدأ، وسيكون الرد الفوري على ذلك قائما على أساس أن عبارة أرسطو عن ماهية الفلسفة لم تكن بالإجابة الوحيدة عن السؤال . وفي أحسن الأحوال إن هي إلا إجابة واحدة بين عدة إجابات .
ويستطيع المرء - بمعونة التعريف الأرسطي للفلسفة - أن يتمثّل وأن يفسر كلا من التفكير السابق على أرسطو و أفلاطون و الفلسفة اللاحقة لأرسطو. ومع ذلك سيلاحظ المرء بسهولة أن الفلسفة، والطريقة التي بها أدركت ماهيتها قد تغيرا في الألفي سنة اللاحقة لأرسطو تغييرات عديدة، فمن ذا الذي أراد أن ينكر هذا ؟
وفي نفس الوقت ينبغي مع ذلك ألا نتجاهل أن الفلسفة منذ أرسطو حتى نيتشه ظلت - على أساس تلك التغيرات وغيرها - هي هي لأن التحولات هي على وجه الدقة. احتفاظ بالتماثل داخل الهو هو (...)
صحيح أن تلك الطريقة نتحصّل بمقتضاها على معارف متنوعة وعميقة، بل ونافعة عن كيفية ظهور الفلسفة في مجرى التاريخ ، لكننا على هذا الطريق لن نستطيع الوصول إلى إجابة حقيقية أي شرعية عن سؤال: " ما الفلسفة ؟ "
إن التعريف الأرسطي للفلسفة،محبة الحكمة، له أكثر من دلالة.فالدلالة اللغوية وهي تتعلق بلغة الإغريق التي بها تم تركيب هذه الكلمة والدلالة المعرفية التي كانت في مستوى شديد الإختلاف عما نحن عليه ، ولا شك أن الدلالة الأخيرة هي التي حددت التعريف وحصرته في محبة الحكمة كشكل للإعراب عن عدم توفر المعطيات العلمية والمعرفية للفيلسوف في ذلك الوقت ، فكانت الحكمة أحد أشكال التحايل على المجهول كمادة أولى لكي يصنع منها الفيلسوف نظامه المعرفي مثلما صنع الله الكون من العدم، وفق التصور المعرفي الذي كان سائدا في ذلك الزمن.
أما اليوم وبالنظر إلى ما هو متوفر من المعارف وعلى ما هو متراكم من أسئلة وقضايا مطروحة في العديد من المجالات الى التقدم الذي حققه الفكر البشري في مختلف المجالات ،
فلم يعد دور الفيلسوف فقط حب الحكمة أو الذهاب إليها والبحث عنها بنفس الأدوات الذاتية وفي نفس المناخ من الجهل الهائل بالمحيط الكوني وتجلياته الموضوعية كما كانت عليه الحال سابقا ...
إن الفيلسوف الآن بات مقيدا بالكثير من المناهج والقوانين المنطقية وبالمعطيات اليقينية في إطار من التراكمات المعرفية وتطبيقاتها التكنولوجية التي لا تترك مجالا للشك في مشروعيتها . في هكذا ظروف وأمام هكذا معطيات لم يعد تعريف الفلسفة متوافقا مع الدور الذي يمكن أن يقوم به الفيلسوف المعاصر والذي يختلف كثير الإختلاف عن دور سلفه من العصور الغابرة. بناء على ما تقدم فإنه لا مفر من إعادة النظر في تغيير مفهوم ومعنى الفلسفة بحيث تكون،إنتاج الحكمة.
بقلم : حسن بلقائد