عرض مشاركة واحدة
قديم 02-01-2014, 04:55 AM
المشاركة 6
نزهة الفلاح
باحثة في قضايا الأسرة والمجتمع
  • غير موجود
افتراضي
أ‌- ب مشاعر مخترقة

ب‌- الحلقة الثالثة:

في اليوم الخامس نطق أبو الهول أخيرا وألقى التحية مؤذنا بتواصل لا يعلم آخره..

تظاهرت بالتجاهل دقائق ثم رددت التحية..

انتظرت أن يعتذر عن عدم رده، أو على الأقل يبرر إضافته لي في الفيسبوك..

لكن كان تواصلا قصيرا جدا لا يعبر عن شيء سوى شخصية غامضة محيرة.. فبعد التحية، سألني عن حالي وكذلك أنا ثم بدأ الصمت يسيطر حتى استعمر النافذة..

مرت الأيام ولا كلام، وكل يوم يمر يزيدني تحدي لحل لغز هذا الرجل، في الشركة إنسان هادئ، مركز في عمله نادرا لما تسمع صوته المنخفض ..

بعد أسبوع وبينما أنا أونلاين بعد صلاة العشاء، أقبع في غرفتي منعزلة كعادتي.. فاجأني بالسلام، فقررت استغلال الفرصة، ويا ليتني لم أفعل..

حاولت إطالة الحديث لكي يتكلم أكثر لعلي أسبر أغوار نفسه وأنجح في إخراج مكنونات نفسه التي تعتبر حلما بالنسبة للزملاء..

بدأت أشيد بأعماله الهندسية وأنه ما شاء الله مبدع في المواقع التي قام بتصميمها..

لم يتفاعل بقوة مع تشجيعي، لكني شعرت أنه يخفي سعادته بذلك، فتحمست وحاولت تطبيق كل ما أعرف أنه يحفز الرجل، لعله يثق بي أكثر ويرحمني من فضولي..

لكن الحوار انتهى وخرجت بخفي حنين..

كلما مرت الأيام كان سوره العالي يردم بتدرج أي نعم بطيء لكنه محكم..

لم أكن أدرك أن سوري هو الذي كان يردم..

ففي يوم كنت متضايقة فيه جدا من أهلي، وداخلي احتجاج شديد عن الجفاف الذي يحيط بي..

وجدتني أحكي له وأستشيره وأعبر عن ما يخالج صدري من غيظ وتعب..

فكان رده مفاجئا، كما يقول المثل: ما في رأس الجمل هو نفسه ما يجول في رأس الجمَّال..

.............................. .

ملاحظات اقتحامية:

+ نلاحظ هنا أن التجاهل المستمر من الزميل، هو الضربة القاتلة التي زادت رشا فضولا..والصمت أيضا استمراره جعلها تتكلم رغم أن من طبعها الصمت..

+ بداية الاقتحام هي سرد ما يضايقك، يستطيع الإنسان المخترق أن يلم بمفاتيح يستغلها ضدك، فمثلا هي حكت له عن جفاف المشاعر في محيطها، فهو ماذا سيفعل، سيصبر مدة ثم يغرقها مشاعرا..

+ لو قارنا بين التواصل لأول مرة ولسابع مرة مثلا، سنجدهما مختلفين، فالرسميات تقل، المزح يظهر، الأمور الشخصية تطفو على السطح، وطالما الأمور الشخصية ظهرت إذن الثغرات ستتكاثر، واقتحام الشخصية سيصير أسهل وأسهل، واقتحام المشاعر أيضا يصير متاحا.. لاسيما وأن التعود مهد الطريق، والجفاف والقحولة المحيطة أظهرت التواصل رطبا، فبالأضداد تعرف الأشياء

يتبع بأمر الله

بقلم: نزهة الفلاح